المحكم والمجمل والمتشابه لتميز الحق عن الباطل وتشخيص القشر من اللباب فان كل عاقل اذا راجع القرآن ورأى هذه الأقسام فيه يعلم انّ الله لا يصدر اللغو عنه فلا بد من أن يكون هنا مترجم رباني مقرون بالكتاب لئلا ينافي حكمته ومن المعلوم ان أوّل مترجم للقرآن والمبين له هو خاتم أنبيائه صلى الله عليه وعلى أوصيائه ثم من يحذو حذوه ويكون خليفته بعده ثم من اقتبست علومهم من علومهم فإذا احتاج الناس الى شيء من القرآن وراجعوا الخلفاء ورأوا ان هناك من لا يفهم حتى معنى الأبّ (بالتشديد) وشاهدوا من أحاط بكل سرّ في القرآن الكريم فلا بد من أن يعرف المحق عن المبطل والصادق عن الكاذب كما ورد في قضايا عديدة من مراجعة علماء اليهود والنصارى الى الشيخين واضطرارهما الى ارجاعهم الى أمير المؤمنين ووصيّ رسول رب العالمين ومن جملة الموارد ما سئل بعضهم أبا بكر من انّه أي شيء لا يعلمه الله فجهله أبو بكر وعمر فالتجئوا الى مولى الكونين فأجاب بأنّ الله لا يعلم لنفسه شريكا ومنه قوله سبحانه : (بِما لا يَعْلَمُ فِي السَّماواتِ وَلا فِي الْأَرْضِ).
والحاصل فوجود المجمل والمتشابه عين الكمال وهذا هو أحد وجوه الهداية والحفظ عن الضلال والاضلال.
ثم انه ـ قد نسب الشيخ قدسسره الى جماعة من الاخباريين المنع عن العمل بظواهر الكتاب من دون ما يرد التفسير وكشف المراد عن الحجج المعصومين وان أقوى ما يتمسك لهم وجهان.
أحدهما ـ الأخبار المتواترة المدعى ظهورها في المنع عن ذلك (١) كالنبويات الثلث في أحدها من قال في القرآن بغير علم وفي أخرييها من فسر القرآن برأيه الخ
__________________
(١) تجد عمدة هذه الروايات في موسوعة وسائل الشيعة (الطبعة الاسلامية) المجلد ١٨ ـ ب ١٣ وب ٦ من أبواب صفات القاضي.