فلا إطلاق فيه أصلا ومثل آية النفر إنما هو بصدد بيان الطريق المتوسل به إلى التفقه الواجب لا بيان ما يجب فقهه ومعرفته كما لا يخفى ، وكذا ما دل على وجوب طلب العلم إنما هو بصدد الحث على طلبه لا بصدد بيان ما يجب العلم به. ثم إنه لا يجوز الاكتفاء بالظن فيما يجب معرفته عقلا أو شرعاً حيث انه ليس بمعرفة قطعاً فلا بد من تحصيل العلم لو أمكن ومع العجز عنه كان معذوراً ان كان عن قصور لغفلة أو لغموضة المطلب مع قلة الاستعداد كما هو المشاهد في كثير من النساء بل الرّجال بخلاف ما إذا كان عن تقصير في الاجتهاد ولو لأجل حب طريقة الآباء والأجداد واتباع سيرة السلف فانه كالجبلي للخلف وقلما عنه تخلف والمراد من المجاهدة في قوله تعالى : (والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا) هو المجاهدة مع النّفس بتخليتها عن الرذائل وتحليتها بالفضائل وهي التي كانت أكبر من الجهاد لا النّظر والاجتهاد
______________________________________________________
لا غير (١) (قوله : فلا إطلاق) يعني يعرف به موضوع المعرفة (٢) (قوله : لا بيان ما يجب) فلا إطلاق لها أيضا ونحوه ما يأتي (٣) (قوله : كما هو المشاهد) إشارة إلى الخلاف في وجود القاصر الّذي ربما نسب إلى المشهور القول بنفيه لما دل على حصر المكلف بالمؤمن والكافر وان الكافر مخلد في النار بضميمة ما دل على قبح تعذيب القاصر ، ولقوله تعالى : «لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل» ولقوله تعالى : (والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا) وقد استدل المصنف ـ رحمهالله ـ على وجوده بالوجدان والمشاهدة. والإنصاف يقتضي الإذعان بما ذكر إذ لا يمكن التشكيك في وجود كثير من الرّجال والنساء بمرتبة من الغفلة وقلة الاستعداد (٤) (قوله : هو المجاهدة مع) هذا جواب عن الاستدلال بالآية على عدم وجود القاصر ، ويمكن الجواب عنها أيضاً بأنه لو سلم عمومها للاجتهاد والنّظر إلا أنها لا تنافي عدم الاهتداء لعدم الاجتهاد من جهة الغفلة وقلة الاستعداد ، كما يمكن الجواب عن الآية الأولى بأن المراد من الحجة