ثبوت هذين الإطلاقين له مع قطع النّظر عن دليل نفي الحرج أو الاضطرار أما بلحاظه فحيث عرفت أنه في مقام الجمع لا بد من رفع اليد عن دليل الحكم الواقعي فرفع اليد (تارة) يكون بتخصيصه وإخراج الواقع المردد عنه بالمرة مع كون الاضطرار إلى أحد محتملاته ، وعليه فيقطع بعدم وجوب الاجتناب عن النجس ، ولا مجال لإمكان الاحتياط فضلا عن وجوبه أو رجحانه (وأخرى) يقيد به الإطلاق الأول لدليله فيرجع بعد التقييد إلى قوله : اجتنب عن النجس إن كان غير ما ارتكبته لدفع الحرج مثلا ، وعليه فيكون التكليف محتملا لاحتمال المعلق عليه لأن كونه الباقي بعد الارتكاب امراً محتمل ، وحينئذ فلا موجب للاحتياط لعدم البيان المصحح للعقاب لكنه لا مانع من إمكانه (وثالثة) يقيد به الإطلاق الثاني لدليله فيرجع دليل التكليف إلى قوله : اجتنب عن النجس سواء أكان هذا أم كان ذلك لكن ان كان هذا فوجوب الاجتناب عنه مقيد بارتكاب الآخر وان كان ذلك الآخر فوجوب الاجتناب عنه أيضا مقيد بارتكاب هذا. وعليه فلو ارتكبهما معاً فقد علم بمخالفة التكليف الواقعي لأنه إن كان منطبقا على الإناء الأبيض فالتكليف بالاجتناب عنه لما كان مشروطا بارتكاب الآخر فبارتكاب الآخر يكون فعليا لحصول شرطه فيستحق على مخالفته العقاب ، وكذا الحال لو كان منطبقا على الإناء الأصفر فانه بارتكاب الأبيض صار التكليف بالاجتناب عنه فعليا فيعاقب على مخالفته. وحينئذ نقول : لا ريب في أنه يجب الاقتصار في رفع اليد عن الدليل الواقعي على المقدار المتيقن ، كما انه لا ريب في أن رفع اليد عن الإطلاق الثاني فقط كافٍ في رفع الحرج في نظر العقل فيتعين في مقام الجمع ، ولا يجوز التخصيص ولا رفع اليد عن الإطلاق الأول ، وبذلك يظهر الوجه في عدم جواز ارتكاب الطرف الباقي بعد ارتكاب ما به يندفع الاضطرار. هكذا قرره بعض مشايخنا المعاصرين (ويمكن) الخدش فيه بان ارتكاب أحد الأطراف الّذي أخذ شرطا في وجوب الاجتناب عن الآخر ليس إلّا الارتكاب الرافع للاضطرار لا مطلق الارتكاب وإلّا لزم فيما لو اختار أحدهما وانكشف انه النجس حرمة ما اختار لو كان قد