على جواز العمل بما لا يعلم صحته. فهو لعمري حجة مقنعة ودلالة صحيحة ، لان من أحال العمل على أخبار الآحاد من حيث لم تكن معلومة وأجاز العمل بقول المفتي يكون مناقضا. وليس هذا هو الذي يتكلم عليه ويقصد اليه.
وان قيس قبول إخبار الشريعة الواردة بطريق الآحاد بالتحليل والتحريم على قبول قول المفتي ، فقد تكلمنا على ذلك من قبل ، وبينا أن القياس في مثله مطرح غير معتمد. وقلنا : أما كان يجوز أن يتعبدنا الله تعالى بقبول قول المفتي؟ ويحظر علينا أن لا نقبل في الشريعة إلا ما نعلمه؟ فان جوز ذلك سقط حمل أحد الأمرين على صاحبه.
ليس (١) من باب القياس ، وانما هو تفصيل لجملة.
فقد مضى الكلام عليه مستقصى ، وتبينا فيما سلف ما يوضح أن مسألة تقليد العامي للعالم مفارقة مباينة لمسألة قبول خبر الراوي إذا كان واحدا عن الرسول صلىاللهعليهوآله ، وأن الأمرين لا يجمعهما جملة واحدة على وجه ولا سبب ، وانه يجوز أن يتعبد (٢) به في الأخر.
وقوله : ان المفتي مخبر عن أمرين يجوز عليه الخطأ في كل واحد منهما أحدهما أخباره في المذهب الذي أفتى به أنه من شريعة النبي صلىاللهعليهوآله ، والثاني أنه مذهبه واعتقاده.
فأول ما في هذا أنه ليس بواجب في كل مفت ذكره (٣) ، بل في المفتين من يعلم اعتقاده ومذهبه ضرورة ، ولا يجوز خلاف ذلك عليه. فعاد الأمر في من هذه حاله الى أن الخطأ الجائز عليه في الموضعين على ما ظنه لما كان به
__________________
(١) ظ : سقوط جملة : فإن قيل.
(٢) ظ : أن لا يتعبد.
(٣) أى فتواه.