وقال جماعة : من شرط الصبر أن لا تتنفس بخلاف الإذن تحت جريان حكمه ، وأنشدوا :
إن كنت للسقم أهلا |
|
فأنت للشكر أهلا |
عذب فلم يبق قلب |
|
يقول للسقم مهلا |
قالوا : حقيقة الصبر ترجيع البلاء من غير تعبيس.
وقيل : إن أيوب ، عليهالسلام ، أنّ يوما أنّة فأوحى الله إليه : يا أيوب شكوتنى! فقال : إلهى ، إلى من ولم تسمع أنّتي؟ فقال : شكوتنى إلى أعدى عدو لك ، وهى نفسك.
سمعت الدقاق يقول فى آخر عمره ، وقد قربت وفاته ، وهو فى ألم شديد : من علامات التأييد حفظ التوحيد فى أوقات المحنة ، ثم قال : معنى هذا الحديث أن يقطعك إربا إربا وأنت ساكن تحت جريان حكمه ، راض بنفوذ تقديره فيك وأمره.
وقيل : ينبغى أن يكون الصابر فى حكمه كالميت بين يدى الغاسل ، يقلبه كيف يشاء.
وقيل : فرق ما بين الحليم وبين الصبور فى صفة الخلق أن الحليم من يتجاوز عن غيره بلا تكلف ولا مقاساة مشقة ، والصبور هو الّذي يراود نفسه عن أخلاقها فيحتمل كرهها.
يحكى عن الأحنف بن قيس أنه قال : أنا صبور ولست بحليم ، وكان يضرب به المثل فى الحلم.
حكى أنه كان يأتى من موضع وإنسان يتسفه عليه وهو يصبر ، فلما قارب