ولا مستعين بجيش وعدد ، إن أراد إهلاك أحد أهلكه بيده حتى يخرج على نفسه فيتلف نفسه ، إما خنقا وإما غرقا وإما تعاطيا لما فيه هلاكه بوجه من الوجوه.
سمعت الشيخ الدقاق يقول : لما أراد الله إهلاك قوم نوح نصح نوح ابنه وأمره أن يركب معه فى السفينة ، فآوى إلى الجبل واتخذ بيتا من زجاج ودخل فيه ، لئلا يؤثر فيه الماء ، فأبلاه الله بكثرة البول حتى امتلأ ذلك البيت من بوله وغرق فيه ، فغرق الله سبحانه جميع العالم فى الماء ، وغرق ابن نوح فى بوله.
سئل الجنيد عن الخوف فقال : توقع العقوبات مع مجارى الأنفاس.
وقال سرى السقطى : إنى لأنظر إلى أنفى كل يوم كذا كذا مرة مخافة أن يكون قد اسودّ وجهى من عقوبته.
وفى بعض الحكايات أن رجلا سمع فى الطواف يقول : اللهم إنى أعوذ بك من سهم الغضب ، فسئل عن معناه فقال : إنى مجاور منذ خمسين سنة فرأيت يوما شخصا فاستحسنته ، فوقعت على وجهى لطمة ، فسالت عينى على خدى ، فإذا أنا بصوت : لطمة بلحظة ، ولو زدت لزدنا.
وقد يمتحن الحق تعالى أولياءه ويختبرهم بما يقدر أن يتولاه بنفسه فيكله إليهم امتحانا لهم واختبارا ، ثم يفعل ما يريد ، وربما يحوج بعض أوليائه فى الظاهر إلى خلقه ، وهو قادر على كفاية أسبابهم من غير أن يكلهم إلى أمثالهم.
يحكى عن الكتانى أنه قال : كان لأبى حفص الدينورى أخ ، وكان لا يبيت فى المسجد أكثر من ليلة ، وكان حسن الطريقة ، فاعتل فى قرية وقتا فبقى فيها سبعة أيام عليلا لم يكلم أحدا ولم يتعاهده أحد ، فمات فأخذوا فى جهازه ، فاجتمع الخلائق من القرى وقالوا : سمعنا صوتا : من أراد أن يحضر جنازة ولى من أولياء الله فليحضر قرية بنى فلان ، فلما دفنوه أصبحوا وجدوا الكفن ملفوفا