____________________________________
لاختلاف المعتزلة في كونهما موجدتين الآن ، أو الميزان ، أو الصراط ، أو الحساب فيه أن المعتزلة ينكرون المسائل الثلاثة ، أو الصحائف المكتوبة فيها أعمال العباد يكفر أي لثبوتها بالكتاب والسّنّة وإجماع الأمة ، ولو أنكر البعث ، فكذلك أي اتفاقا. ومن قال لمظلوم : أين تجدني في ذلك الازدحام ، أو في ازدحام القيامة يكفر ، أي لأنه نفي قدرة الخالق على الجمع بينه وبين الخصم.
ومن قيل له : لو ما تعطني الحق اليوم لأعطيته يوم القيامة كثيرا ، فقال : ما يبقى إلى يوم القيامة كفر ، لأنه استبعد وقوعه وتحقّقه لا إن أراد طول الزمان بينه وبينه.
ومن قال لمديونه : أعط دراهمي في الدنيا فإنه لا درهم يوم القيامة يعني يؤخذ من حسناتك فقال زدني تأخذ في يوم القيامة ، أو طلب في يوم القيامة ، أو قال : زدني أعطيك كله ، أو جملة في القيامة كفر ، أي لأن ظاهره إنكاره يوم القيامة ، أو نفي خوف العقوبة ، أو استهزاء بما ثبت في السّنّة من أخذ الحسنة ، قال : كذا أجاب الشيخ الإمام الفضلي وكثير من أصحابنا.
ومن قال : أعطني برّا أعطك يوم القيامة شعيرا ، أو قال على العكس كفر أي لأنه صريح في الاستهزاء. وفي الفتاوى الصغرى أو قاضي خان من قال لدائن : العشرة أعطني عشرة أخرى تأخذ يوم القيامة عشرين كفر ، ولو قال : ما ذا لي والمحشر ، أو قال : لا أخاف المحشر ، أو قال : لا أخاف القيامة كفر.
وفي الحاوي من زعم أن الحيوانات سوى بني آدم لا حشر لها كفر أي لثبوت القصاص بين البهائم بالأحاديث الثابتة ثم يقال لها كوني ترابا فتصير ترابا ، وعند ذلك يقول الكافر يا ليتني كنت ترابا ، وإن زعم ذلك أي نفي الحشر كفر أي للدلالة القاطعة ، ومن قال : لا أدري لم خلقني الله تعالى إذا لم يعطني من الدنيا شيئا قطّ ، أو من لذّاتها شيئا ، قال أبو حامد : كفر أي لكونه خلق للعبادة والمعرفة ولم يعرف ذلك كما في قوله تعالى : (وَما خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) (١) أي لأجل العبادة والمعرفة ولاعتراضه على الله سبحانه أيضا جعله فقيرا ، ولذا قال صلىاللهعليهوسلم : «كاد الفقر أن يكون كفرا» (٢). أو قال : لا أدري لم خلق الله فلانا كفر. أي لأنه أنكر على الله تعالى خلقه.
__________________
(١) الذاريات : ٥٦.
(٢) رواه أحمد بن منيع في مسنده كما في المطالب العالية (١٣٩ / ١ النسخة المسندة) ، وأبو نعيم في