____________________________________
مباركة ، فكأنهم جعلوا الحرام حلالا مع زيادة البركة ، وفي معناه أن أنعم حاكم أو أمير على خطيب أو إمام أو مدرّس ، أو غيرهم لباسا محرما فأتى أصحابه ، وقالوا له : مبارك اللهمّ إلا أن قصدوا بالمباركة مباركة المنصب لا لبس الخلعة ، قال : وأيضا من قال : حين شرب الخمر فرح لمن فرح بفرحنا وخسار ونقصان لمن لم يفرح بفرحنا كفر ، أي لأن الفرح فرح الرضاء والمحبة وهو بالمعصية كفر والخسارة والنقصان لا يكونان إلا بالمعصية لا بالطاعة ، كما قال الله تعالى : (فَما رَبِحَتْ تِجارَتُهُمْ) (١) ، وقوله تعالى : (قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِلِقاءِ اللهِ) (٢). فلما عكس القضية وقع في نيّة الكفر وحضيض البليّة.
ولو قال : حرمة الخمر لا تثبت بالقرآن كفر ، أي لأنه عارض نص القرآن ، وأنكر تفسير أهل الفرقان ، وقد قال الله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ) أي القمار بجميع أنواعه (وَالْأَنْصابُ وَالْأَزْلامُ رِجْسٌ) أي إثم وسخط (مِنْ عَمَلِ الشَّيْطانِ فَاجْتَنِبُوهُ) أي الرجس (لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) (٣). أي بالاجتناب عنه ، وفي الآية : مبالغات عظيمة عند فهوم سليمة لا تدركها عقول سقيمة.
وفي التتمة : من أنكر حرمة الخمر في القرآن كفر ، وفي الخلاصة من قال : من لا يشرب مسكرا فليس بمسلم كفر ، ومن استحلّ شرب نبيذ التمر أي المسكر أي إلى حدّ السكر كفر أي بخلاف من استحلّ قليله خلافا للشافعي حيث قال : ما أسكر كثيره فقليله حرام أيضا ، ومن استحل وطئ امرأته حائضا كفر ، واللواطة معها كفر أي سواء حال حيضها وغيرها ، وفي الأول ، وفي الثاني خلاف لبعض السلف حيث أباحوا له كما ذكره السيوطي في تفسيره المأثور المسمى بالدرّ المنثور فالأحوط أن لا يحكم بكفره حينئذ.
وفي المحيط : استحلال الجماع في الحيض كفر ، وقيل : استحلال الجماع في الاستبراء أي من غير حيلة إسقاط بدعة وضلال وكفر أي لأنه حرام بلا خلاف إلا أنه ثبتت حرمته بالسّنّة لا بنص الآية ، وسيأتي تفصيل حسن في هذه المسألة ، وفي المحيط مع اعتقاد النهي في الاستبراء للحرمة إن استحلّها قبل الاستبراء كفر لأنه يصير جاحدا لحكم الكتاب والإمام شمس الدين السرخسي مال إلى التكفير من غير تفصيل ، وكذا
__________________
(١) البقرة : ١٦.
(٢) الأنعام : ٣١.
(٣) المائدة : ٩٠.