____________________________________
ضرورة فكافر ، ومن استحل شرب النبيذ إلى السكر كفر ، أما لو قال لحرام : هذا حلال لترويج السلعة ، أو بحكم الجهل لا يكفر ولو تمنى أن لا يكون الخمر حراما أو لا يكون صوم رمضان فرضا لما يشقّ عليه لا يكفر بخلاف ما إذا تمنى أن لا يحرم الزنا ، وقتل النفس بغير حق فإنه يكفر لأن حرمة هذين ثابتة في جميع الأديان موافقة للحكمة ، ومن أراد الخروج عن الحكمة ، فقد أراد أن يحكم الله ما ليس بحكمة ، وهذا جهل منه بربه سبحانه ، وتوضيحه ما قال بعضهم من أن الضابطة هي أن الحرام الذي كان حلالا في شريعة فتمنّى حلّه ليس كفر ، والذي لم يكن حلالا في شريعة فتمنى حله كفر ، لأن حرمته الأبدية إنما هي التي اقتضتها الحكمة الأزلية مع قطع النظر عن أحوال الأشخاص الأوّلية والأخروية ، ثم قال : فإن قلت : كون الحرمة موافقة الحكمة الله تعالى هو المدار في التكفير فالأمر في حرمة الخمر أيضا ، كذلك لأن تحريمه بالنسبة إلى هذه الأمة ، إنما هو لاقتضاء الحكمة قلت : لكن هذه الحكمة مقيدة وتلك مطلقة فإرادة الخروج من الثانية خروج من الحكمة مطلقا ، ومن الأولى ليس كذلك بل هي موافقة للحكمة بوجه ، وإن كان مخالفة لها أيضا بوجه آخر فافترقا. انتهى.
وفي هذا الفرق نظر لا يخفى إذ لا يطابق ورود السؤال ، ولا يصحّ جوابا عنه في المآل فإن حرمة الخمر في هذه الأمة لا يقال أنها موافقة للحكمة من وجه مخالفة لها من وجه هذا ، وفي كون تمنّي أمثال ذلك كفرا إشكال لكون الأنبياء عليهم الصلاة والسلام تمنّوا أنهم لم يخلقوا ، وقد يتمنى أن آدم عليه الصلاة والسلام لم يأكل من الشجرة حتى لم يقع في الدنيا المتعبة ، وغاية الأمر أن خلاف الحكمة وقوعه محال ، والتمنّي إنما يكون محله في الحال على أن التمنّي ليس له تعرّض بالحكمة لا نفيا ولا إثباتا ليكون سببا للكفر.
وذكر الإمام السرخسي رحمهالله أنه لو استحلّ وطأ امرأته الحائض يكفر ، وفي النوادر عن محمد رحمهالله لا يكفر ، وهو الصحيح ، وفي استحلال اللواطة بامرأته لا يكفر على الأصح لأنه مجتهد فيه ، وأما الأول فلأن النص الدّالّ على حرمته قوله تعالى : (وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ) (١) ظنّيّ الدلالة مع أن حرمته لغيره وهو مجاورة الأذى ، فهذا مبني على الخلاف فيمن استحلّ حراما لغيره هل يكفر أم لا.
ومن وصف الله بما لا يليق به أو سخّر باسم من أسمائه أو بأمر من أوامره ، أو
__________________
(١) البقرة : ٢٢٢.