____________________________________
بعد المسافة ، وكشرب خالد السمّ (١) من غير تضرّر به.
وكذا ما وقع لغيره من الصحابة ومن عداهم من أهل السّنّة والجماعة وخالفهم المعتزلة حيث لم يشاهدوا فيما بينهم هذه المنزلة ، وأما الشيعة فخصّوا الكرامات بالأئمة الاثني عشر من غير دلالة الخصوصية.
ثم ظاهر كلام الإمام الأعظم رحمهالله في هذا المقام موافق لما عليه جمهور العلماء الأعلام من أن كل ما جاز أن يكون معجزة لنبي جاز أن يكون كرامة لولي لا فارق بينهما إلا التحدّي خلافا للقشيري ومن تبعه كابن السبكي حيث قالا : إلا نحو ولد ودون والد ، وقلب جماد بهيمة فلا يكون كرامة ، هذا والكتاب ينطق بظهور الكرامة من مريم ومن صاحب سليمان ، وأما ما قيل من أن الأول إرهاص لنبوّة عيسى ، أو معجزة لزكريا عليهماالسلام ، والثاني معجزة لسليمان عليه الصلاة والسلام فمدفوع بأنّا لا ندّعي إلا جواز الخارق لبعض الصالحين غير مقرون بدعوى النبوّة ، ولا يضرّنا تسميته إرهاصا أو معجزة لنبي هو من أمته سابقا أو لاحقا ، وسياق القصص يدل على أنه لم يكن هناك دعوى النبوة ، بل ولم يكن لزكريا علم بتلك القضية وإلا لما سأل عن الكيفية.
والحاصل أن الأمر الخارق للعادة هو بالنسبة إلى النبي معجزة سواء ظهر من قبله ، أو من قبل أمته لدلالته على صدق نبوّته وحقيّة رسالته فبهذا الاعتبار جعل معجزة له ، وإلا فحقيقة المعجزة أن تكون مقارنة للتحدّي على يد المدّعي وبالنسبة إلى الولي كرامة.
__________________
ـ المنبر : يا سارية الجبل يا سارية الجبل فقدم رسول الجيش فسأله ، فقال يا أمير المؤمنين : لقينا عدوّنا فهزمونا ، فإذا صائح يصيح يا سارية الجبل فاستندنا بأظهرنا إلى الجبل ، فهزمهم الله ، فقيل إنك كنت تصيح بذلك. ورواها الطبري في تاريخه بسنده ٤ / ١٧٨ ، والسيوطي في تاريخ الخلفاء ص ١٢٥ وقال : كذا رواه الخطيب ، وذكرها ابن تيمية في كتاب النبوّات ص ١٠٧ وصحّحها.
وذكرها الألباني في الصحيحة رقم ١١١٠.
(١) أخرجه أبو يعلى ٧١٨٦ ، وأبو نعيم في الدلائل ٢ / ٥٧٤ رقم ٣٦٨ عن أبي السفر. وذكره الهيثمي في المجمع ٩ / ٣٥٠ وقال : أخرجه أبو يعلى والطبراني بنحوه وأحد إسنادي الطبراني في رجاله رجال الصحيح وهو مرسل ورجالهما ثقات إلا أن أبا السفر وأبا بردة بن أبي موسى لم يسمعا من خالد والله أعلم. ا. ه. ولفظه : «عن أبي السفر قال : نزل خالد بن الوليد الحيرة على أمير من بني المرازبة فقالوا : احذر السمّ لا تسقيكه الأعاجم ، فقال : ائتوني به فأيّ شيء منه فأخذه بيده ثم اقتحمه وقال : بسم الله فلم يضرّه شيئا. ا. ه.