فإن الحكم فيهم أن يستتابوا ، فإن تابوا وإلا قتلوا ، فإن كانوا من العرب لم يقبل منهم إلا السيف ، وإن كانوا من غير العرب فالإسلام والجزية (١) ، وكذلك الخلاف في المرتدة أنها تسبى عند أبي حنيفة ، وتقتل عند الشافعية كالخلاف في المرتد في دار الإسلام بحيث تجرى عليها الأحكام بلا امتناع ، بخلاف الحربية فإنها لا تقبل (٢) قولا واحدا. فتأمل ذلك تجده كما قلناه (٣) بحيث لا اختلاف في ذلك ، ولا خلاف في هذه إلا كما ذكرنا لك في جعل المرتد المنفرد والمستضعف ملة قائمة بنفسها. فأما حصول الشوكة في المرتد بأي وجه من وجوه الكفر فيبعد أن يكون في المسألة خلاف بين الأئمة عليهمالسلام والأمة ، ولو لا ذلك لما أجمع الصحابة على خلافه ، ولا يعلم بينهم خلاف على ما يأتي تبيانه (٤) تنبيها على ما وضعناه في الرسالة الهادية إذ لا يمكن استيفاء ذلك هاهنا ، ولا وجه لإعادته للغنى بما قد تقرر ووقع.
قال أيّده الله : وذكر الشيخ علي خليل أن المؤيد بالله عليهالسلام قال في الزيادات : الأقرب عندي أن كل موضع تظهر فيه الشهادتان ، وتقام فيه الصلاة فلا يجوز أن يكون ذلك الموضع دار كفر ؛ كما ذهبت إليه الحنفية لأنهم قالوا : لو أن أهل دار الحرب دخلوا دار الإسلام وتحصنوا في حصن ، فالمعلوم أن ذلك لا يصير من دار الحرب فيجب أن يكون الموضع متاخما لدار الكفر متصلا بها كما ذهبت إليه المعتزلة ، والمتاخم هو أن يكون انتهاء حده إلى دار الحرب.
والكلام في هذا : إنه يبعد أن يكون الموضع الذي يظهر فيه الإسلام والشهادتان
__________________
(١) في (ب) : أو الجزية.
(٢) في (أ) : لا تقتل.
(٣) في (ب) : قلنا.
(٤) في (ب) : بيانه.