الكاذب قبيح والله لا يفعل القبيح.
فهذا هو الكلام في هذه المسألة على وجه الإيجاز ، وقد حصل من الأجوبة بحمد الله ومنّه ما يحسم مواد الشبهات ، وينور سدول الظلمات ، لمن نظر بعين الإنصاف ، وتنكّب طريق الخلاف.
المسألة التاسعة والثلاثون [هل كلام الله قديم أم محدث؟]
قال تولى الله هدايته : هل يصح أن يكون ذلك المعنى القائم بذاته وهو كلامه الذي به وصف بأنه متكلم محدث ، وهو معنى قائم بذاته فيكون تعالى موصوفا بصفة حادثة ومحلا لحادث ، وإن كان قديما فكيف يصح أن يكون قائما بقلوبنا وهي محدثة ، والقائم بغيره لا يصح له وجود بنفسه دون ما هو به قائم ، فكيف يكون القديم [مضطرا] (١) في وجوده إلى المحدث حتى يكون به قائما لأن يصح وجوده والقديم سابق في وجوده؟
الجواب : قد قدّمنا الكلام في أنه لا يجوز أن يكون كلام الباري تعالى وكلام غيره معنى زائدا على الأصوات والحروف حتى يقال : هو قائم بذاته أو بغيره ، وإنما المعقول من الكلام ما ذكرنا من الأصوات المقطعة والحروف المرتبة ولا يعقل كلام سوى ذلك.
وقد بيّنا أنه لا يجوز كون ذات الباري سبحانه محلا للمعاني ، وإن الكلام ليس بمعنى زائد على ما ذكرنا ، وإنما قلنا لا يجوز كون ذات الباري سبحانه محلا ؛ لأن المعقول من القيام بذات الغير هو الحلول فيها ، ولا يصح الحلول إلا في المتحيز ، ولا
__________________
(١) سقط من (أ).