التفاصيل غير حادثة عن الإرادة فتكون إرادات شتى قديمة مماثلة ، والقديم لا نظير له ولا مثل ، وهل يصح أن يكون تعالى مريدا بتلك الإرادة القديمة التي هي واحدة في وقت ، وذلك عند ما نقصد الإيجاد ، وفي آخر تلك الإرادة التي أراد بها الإيجاد هي بعينها التي بها أثر الإمساك عن العقل ، أو الإعدام ، أو العدم (١) ، وهو ما تقديره زمانا لم يصح فيه إيجاد ، وهو الحكم الذي يوصف به تعالى أنه (٢) لم يرد ثم أراد ، فتكون الإرادة المتوجهة إلى الإمساك هي بعينها الإرادة المتوجهة إلى الفعل معا ، فيكون ما قدمناه في السؤالات من كونه مريدا للضدين معا ، وكذلك المتنافيين ، وبتوجه القصد الإيجاد عند ما يريد للإيجاد تخصصا ، ثم تتوجه وهي واحدة إلى الإمساك تخصصا عند ما يريد الإمساك ، فيتنافى القصد ، وفي منافاة الأحكام والمقاصد جواز الاعتبار ، والتنقل من قصد إلى قصد ليقع التخصيص ، والاعتبار يبطل القدم؟
الجواب : الذي ذكره يلزم المجبرة القائلين بعدم الإرادة ، ويلزم أيضا مماثلتها للقديم سبحانه كما قدمنا ، ويلزمهم وجود الإرادة لشيء مع كونه كارها لمرادها الذي هو ذلك الشيء كما نعلمه في الشرائع المنسوخة ، وليس إلى المناضلة عنهم والمحاجة عليهم داع ، وهل يكون لناصر الباطل أجر ، كلّا ، بل يجوز حوبا ووزرا ، ولعمري إن ذلك لنا صارف قوي عن القيام في وجه سؤاله ، والتحشير لجداله ونضاله.
المسألة الرابعة والثلاثون [هل يصح أن يكون الله تعالى لا مريدا فيما تقديره تقدير الزمان؟]
قال تولى الله هدايته : وهل يصح أن يكون لا مريدا فيما تقديره تقدير الزمان ،
__________________
(١) في (ب) : أو للإعدام أو المعدم.
(٢) في (ب) : به أنه تعالى لم يرد.