من قبل الباري تقدست أسماؤه ، أو لأمر جاء عن غيره ، أو لأمر سواه معه فيما لم يزل ، أو من قبل أنه لم يرد إيجاده إلا عند ما أوجده في الآن الذي صح منه فيه الإيجاد ، أو لرفع جواز الإيجاد بامتناعه إلا عند الإيجاد المقتضي وجود المقدور أعيانا موجودة؟
الجواب عندنا : إن استحالة وجود المقدور في الأزل لأمر راجع إليه وإلى القادر من حيث أنه يخرج عن كونه مقدورا ؛ لأن وجوده فيما لم يزل يوجب استغناءه عن موجد يوجده ، ولأنه يوجب خروج القادر عن كونه قادرا ، وما أدى إلى ذلك فهو باطل ، يبين ذلك أن الدليل على صحة كون القادر قادرا صحة وجود مقدوره ، ومعنى صحة وجوده هو إمكانه وجوازه ، وجواز وجوده يبطل وجوب وجوده ؛ لأنه يستحيل أن يكون موجودا على الجواز ، وعلى سبيل الوجوب ؛ لما في ذلك من التنافي.
فالقول بوجوده فيما لم يزل يرفع الصحة التي هي الإمكان ؛ لأنه لا حالة قبل ما لم يزل يمكن فيها أن يوجد وألّا يوجد ، فإذا قد ثبت أن إمكان الفعل من جملته دلالة كونه قادرا صح أن القول بوجوده في الأول يرفع العلم بكونه قادرا ، وقد دللنا فيما تقدم على أنه قادر ، فما أدى إلى بطلانه فهو باطل ، والذي خصص وجوده بوقت من الأوقات ؛ الإمكان دون وقت هو داعي الفاعل الحكيم المدبر ، فيوجده في وقت دون وقت لعلمه بتعلق المصلحة بإيجاده في ذلك الوقت دون غيره من الأوقات ، ومعنى هذه المسألة داخل تحت ما تقدم فالجواب عنه واحد.
المسألة التاسعة عشر [في القدرة أيضا]
قال تولى الله هدايته : هل الأقدار الذي بوجوبه خلق السماوات والأرض وما