حدد مداه ليقطع ما أمره الله تعالى بوصله ، وليقضي على العلم بجهله ، ولينفي الفضل عن أهله ، (وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ) [النساء : ٨٣] ، ويقول تعالى : (أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ) [النساء : ٥٩] ، فكيف تثبت طاعة مع الخلاف والنزاع ، والاعتراض على ولي الأمر في الأفعال والأوضاع ، إنما هو فجر أو بجر.
[من روائع الإرشادات والحكم]
رحم الله امرأ تبصّر وتفكّر ، وعقل الأمر وتدبّر ، وسلّم لمن أمر بالتسليم له ، وسلك إلى الرشد سبيله ، أصل الاعتراض المرض ، كما أن أصل الشرق الحرض ، هل كان في الوصي المعصوم لقائل مقالة ، فقطع العباد المجتهدون (١) على كفره لا محالة ، بعد شهادة الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم بالعصمة ، وزوال الوصمة ، ما كان أحوج أهل الدين الصحيح ، إلى العمل بالجد والاجتهاد فيما وقع به من الباري سبحانه للنص الصريح ، في إعزاز الدين ، ومنابذة المعتدين ، أصلح شسع النعل ، وتأبد عن الإسلام بالحجارة والنبل ، وكن ضجيعا للحسام ، واصبر صبر الكرام ، فإنما هي شهقة وقد أفضيت إلى دار المقام ، فإما إلى سعادة دائمة ، وإما إلى شقوة لازمة ، كم بين الودع والورع ، والبازل والفزع ، أقبح الجهل ما وقع من مستنصر ، وأعظم الزلة ما كانت من غير مقصر ، هل بعد اليقين شك ، وهل مع المعرفة حك ، وإنما ينقد المجهول ، ويختلف فيما خالف الدليل ، أعيت الحيلة في تبصير القاطع على عمله ، والمدعي لتوحيد فهمه ، هل علمت خالف رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم خلافا مستمرا إلا الأحبار ،
__________________
(١) لعله يقصد الخوارج.