عنه حتى صاروا (١) إلى الإسلام طوعا وكرها ، ثم توفي رسول الله صلىاللهعليهوسلم وقد أنفذ أمر (٢) الله ، ونصح لأمته ، وقضى الذي عليه (٣) ، وقد قال تعالى : (إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ) [الزمر: ٣٠] ، وقال : (وَما جَعَلْنا لِبَشَرٍ مِنْ قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَفَإِنْ مِتَّ فَهُمُ الْخالِدُونَ) [الأنبياء : ٣٤] ، وقال تعالى : (وَما مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللهَ شَيْئاً وَسَيَجْزِي اللهُ الشَّاكِرِينَ) [آل عمران : ١٤٤] فمن كان يعبد محمدا ؛ فإن محمدا قد مات ، ومن كان يعبد الله فإن الله حي قيوم لا يموت ، لا تأخذه سنة ولا نوم ـ والكتاب طويل وإنما نذكر منه موضع الزبدة مما تمس إلى ذكره الحاجة (٤) ـ قال في آخره : وإني قد بعثت إليكم جيشا من المهاجرين والأنصار ، والمتابعين بإحسان ، وأمرتهم أن لا يقاتلوا أحدا حتى يدعوه ، فمن رجع إلى الحق قبل منه ، ومن أبى قاتلوه ، ثم لا يبقون عليه بقية ، ولا يتركون أحدا ممن يقدرون عليه ، بل يحرقونهم بالنار ويقتلونهم كل قتلة ، وتسبى النساء والذراري ، ولا يقبل من أحد إلّا الإسلام فمن اتبعه فهو خير له ، ومن ترك فلن يعجز الله (٥).
__________________
(١) في الطبري : حتى صار.
(٢) في الطبري : لأمر الله.
(٣) في الطبري : وقضى الذي عليه وكان الله قد بين له ذلك ولأهل الإسلام في الكتاب الذي أنزل فقال تعالى ... إلخ.
(٤) انظر نص الكتاب في تأريخ الطبري حوادث سنة ١١ ج ٢ ص ٤٨٠ ـ ٤٨٣ ط الأعلمي.
(٥) نص الفقرة في الطبري : وإني بعثت إليكم فلانا في جيش من المهاجرين والأنصار والتابعين بإحسان ، وأمرته أن لا يقاتل أحدا ولا يقتله حتى يدعوه إلى داعية الله فمن استجاب له وأقرّ وكفّ ، وعمل صالحا قبل منه وأعانه عليه ، ومن أبى أمرت أن يقاتله على ذلك ، ثم لا يبقي على أحد منهم قدر عليه وأن يحرقهم بالنار ويقتلهم كل قتلة ، وأن يسبي النساء والذراري ولا يصل من أحد إلا الإسلام ، فمن اتبعه فهو خير له ومن تركه فلن يعجز الله ، وقد أمرت رسولي أن يقرأ كتابي في كل مجمع لكم والداعية الأذان ، فإذا أذن المسلمون فأذنوا كفوا عنهم وإذا لم يؤذنوا عاجلوهم ، وإن أذنوا اسألوهم ما عليهم ، فإن أبوا عاجلوهم وإن أقروا قبل منهم وحملهم ما ينبغي لهم.