عشر ألفا قيل : إنهم في الجامع ، وكان صائح بني أمية قد انتشر في البلد بين أقطارها : برئت الذمة من كل محتلم لا يصل الجامع فانفض الناس إخلادا إلى الدنيا ، وميلا إلى الهوى ، ورغبة فيما يفنى ، وزهدا فيما يبقى ، فقال : لا يسعنا عند الله خذلان أصحابنا ، سيروا على اسم الله فسار بهم فهزم الجموع بينه وبينهم إلى أن وصل باب الغيل (١) وأمر أصحابه بإدخال عذب الرايات من أفواه العقود ، وقال لهم نصر بن خزيمة (٢) : يا أهل الكوفة ، اخرجوا من الذل إلى العزّ فلم يفعلوا فأذلهم الله سبحانه ، وجاءت جنود الشام من تلقاء الحيرة ، وحمل عليهم عليهالسلام كأنه الليث المغضب فقتل منهم أكثر من ألفي قتيل بين الحيرة والكوفة ، وقاتلهم ثلاثة أيام كل يوم يروحون من حربه أسوأ حالا من اليوم الأول ، وهو في خمسمائة وهم في اثني عشر ألفا ، فأصيب في آخر أيامه في جبينه الأيسر بنشابة ، وحمل إلى دور أرحب وشاكر ، فدعي له طبيب فنزعها فمات منها ، وقد وجب على الله أجره.
__________________
(١) في الأصل بالليل وهو خطأ والتصحيح من الحدائق الوردية.
(٢) نصر بن خزيمة العبسي ، أحد الأبطال المجاهدين ، وأركان الإمام زيد الصامدين ، استشهد مع الإمام زيدعليهالسلام سنة ١٢٢ ه ، وأعطى يوسف بن عمر من دل على جثته وجاء برأسه ألف درهم ، وصلب مع الإمام زيد ، وكان نصر رضي الله عنه ممن تبع الإمام زيد إلى القادسية بعد خروجه من الكوفة ومن الذين أصروا على عودته إلى الكوفة والخروج على الطغاة ، وكان يختبئ في داره في الكوفة ، وعند ما تخلف أناس عن الإمام زيد بن علي عليهالسلام قال : أين الناس أظنهم فعلوها حسينية؟ فقال نصر بن خزيمة : أما أنا يا ابن رسول الله فأضرب بسيفي بين يديك حتى أقتل ، وله مواقف مشرقة في التضحية والفداء.
قال في (الجداول) : أحد أتباع الإمام زيد ، والرواة عنه ، وروى الإمام المرشد بالله بإسناده من طريق أبي حاتم ، عن ابن اليقظان ، قال نصر بن خزيمة : كان من أشجع الناس ، كوفي قتل مع الإمام زيد بن علي. قال الشاعر :
ترى الخيل تبكي إن تر الخيل لا ترى |
|
معاوية النهدي فيه ولا نصرا |
المصادر : انظر معجم أصحاب الإمام زيد ومنه (مقاتل الطالبيين ١٤٣ ـ أنساب الأشراف ٢٣٣ ـ ٢٣٥ ـ ٢٣٧ ، ٢٤٦ ، ومقاتل الطالبيين ١٣٩).