غير عالم ، باطل أن يكون غير عالم ؛ لأن الأفعال قد صحت منه تعالى محكمة ، والأفعال لا توجد محكمة إلا من عالم ، وإذا كان عالما فلا يخلو إما أن يكون عالما بعلم أو عالما لذاته ، لا يجوز أن يكون عالما بعلم ، كما قدمنا من أنه كان لا يخلو إما أن يكون موجودا أو معدوما ؛ والموجود لا يخلو إما أن يكون محدثا أو قديما ، والأقسام كلها باطلة ، فلم يبق إلا أنه عالم لذاته تعالى ، ومعنى ذلك أن ذاته الموجبة لكونه عالما ولسائر صفاته تعالى من دون معاني ، كما نقول في الواحد منّا : إنه عالم بعلم وحي بحياة ، ولو لا ذلك لما كان حيا عالما.
فهذه الصفات ثابتة فينا لمعاني ، وثابتة في الباري تعالى لذاته ، ولذلك وجب كونه عالما بجميع المعلومات ، ما كان ، وما يكون وما لم يكن كيف كان يكون ، وما كان لو لم يكن كيف كان يكون ، لأن ذاته مع المعلومات على سواء ، فلا يخلو إما أن يعلمها لذاته أو لا يعلمها ؛ لأنه قد صحّ كونه عالما بوجود الفعل المحكم من قبله ، والفعل المحكم لا يوجد إلا من عالم ، وباطل أن يعلم البعض دون البعض لفقد المخصص ، لأنّا إنما علمنا شيئا دون شيء لأنّا عالمون بعلم فلا يتعلق العلم إلا بمعلوم على الوجه الذي يصح به.
فإن سأل وقال : هل لله علم أو ليس له علم؟
قلنا : إن أردت أن له معلوما فهو عالم بجميع المعلومات وذلك شائع في اللغة ، يقال: علم أهل البيت عليهمالسلام وعلم أبي حنيفة ، وعلم الشافعي معناه معلومهم ، وإن أردت علما به يعلم ولو لا هو لما علم ، فذلك لا يجوز على الله تعالى لما قدمنا ، بل العالم لذاته الغني عن كل ذات.
وأما قولهم : هل العلم شيء أو غير شيء فهذا فرع على أنه تعالى عالم بعلم ،