الناس في الحرافة ، وقال : ما هكذا بايعتك يا ولد العباس ، اشهدوا أني قد خلعت بيعته. فأمر به فأحضر إليه ، ووسطه بالسيف ، وترك في كل ناحية منه جزءا ، وصلب الكرخي العابد على باب العامة ولما أراد الحج حلق شعره ، وتركه في محمل ، ووقف به المواقف كلها ، وعلى الجمار ، وعند المشعر ، ويطوف به ويسعى ، فهذا دين الإسلام (أو) غيره؟ فو الله يمينا يعلم الحكيم العليم صدقها ، ونرجو عند الله تعالى أجرها (١) وبرها لو لم يكن لهذه الأمة جرم في دين الله إلا موالاة بني أمية وبني العباس واعتقاد إمامتهم وتقليدهم أمورهم ، وذلك كفر ، لكان كافيا في الكفر بنص القرآن الكريم يعرفه كل ذي قلب سليم ، وهو مع ذلك خلاف المعلوم من دين الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم ؛ لأن الولاء والبراء معلومان من دينه ضرورة ، فكيف والحكيم سبحانه يقول : (لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوادُّونَ مَنْ حَادَّ اللهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كانُوا آباءَهُمْ أَوْ أَبْناءَهُمْ أَوْ إِخْوانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ) [المجادلة : ٢٢] ومن نفى الباري تعالى إيمانه بالله ورسوله وباليوم الآخر ، فهل بقي له من الإيمان مسلك ، وعن الكفر مترك ؛ فالواجب على المؤمنين التسلك عن التشكك فيهم ، واعتقاد إمضاء أحكام الله عليهم وقع ذلك أم لم يقع ؛ فبذلك فرض المؤمنين معاداة الكافرين باليد واللسان ، والسيف والسنان ، وإضمار عداوة الجنان ، فكيف وقد أضافوا إلى ذلك من الاعتقادات الكفرية ، والمقالات الفرية ، ما كفرتهم به الذرية الهادية المهدية ، ولا بد مما قاله الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم يكون ؛ لأنه لا يقول إلا عن علام الغيوب إن لم يكن في زماننا ، ما رويناه بالإسناد الموثوق إلى النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم في قائم العترة المنتظر أنه قال صلىاللهعليهوآلهوسلم : «يشبهني في الخلق ولا يشبهني في الخلق» ، فسره أهل العلم أنه خلق رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم العفو ، وخلق القائم الانتقام بالقتل والسبي والسفك ، وفي الحديث : «لا يزال في أيامه الهرج الهرج» معناه القتل عموما ، والقتل حتى يقول
__________________
(١) في النسخ : أمرها.