استشهدوا ، أو في الدنيا إن وقع الفتح ، وزال ما كان في قلوبهم من الخيفة والشك ، وليس بين الموالاة والمباراة واسطة ، وقد أمر الله تعالى بالغلظة على الكفرة ، وقال تعالى : (لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوادُّونَ مَنْ حَادَّ اللهَ وَرَسُولَهُ ...) الآية [المجادلة : ٢٢] ، وقال تعالى : (سُنَّةَ اللهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللهِ تَبْدِيلاً) [الأحزاب : ٦٢] ، (وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللهِ تَحْوِيلاً) [فاطر : ٤٣] ، وسنته في الكافرين القتل ، والسبي ، والسلب ، والخطر العظيم في الوجهين جميعا في تحريم الحلال ، كما هو في تحليل (١) الحرام ، ولهذا قال من آبائنا عليهمالسلام من قال : لم أر إلا الخروج أو الكفر بما جاء به محمدصلىاللهعليهوآلهوسلم فرأى ترك الفعل كفرا ، كما أن فعل العظيمة كفر. فنسأل الله الثبات في الأمر والتوفيق لما يحب ويرضى ؛ فلينظر المتأمل لكلامنا فيما جوزناه وقدرناه ، وكيف يصح لنا أن نستقيم على الدين ، ولا نقتدي بالصادق الأمين محمد صلوات الله عليه وعلى أبنائه الطيبين وننفذ أحكام رب العالمين ، على الكفرة والفاسقين ، والله تعالى يقول لجدنا صلوات الله تعالى عليه وعلى آله وسلامه : (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنا لَكَ أَزْواجَكَ اللَّاتِي آتَيْتَ أُجُورَهُنَّ وَما مَلَكَتْ يَمِينُكَ مِمَّا أَفاءَ اللهُ عَلَيْكَ) [الأحزاب : ٥٠] ؛ فجعل حكم ما أفاء الله عليه من حكم ملك يمينه كحكم الزوجات اللاتي آتاهن أجورهن ، والمتشكك في السبي كالمتشكك في النكاح ، والشاك في النكاح وجوازه مقتحم حرمة الوعيد ؛ فالواجب عليه الاحتراز والهرب إلى الله تعالى ، وإمضاء البصيرة بحلاله ؛ فالدين صعب مرامه ، شديد لزامه(٢) ، معرض للخطر حلاله وحرامه ، فمن حرم حلاله ، كمن حلل حرامه ، لا فرق في الخروج عن الدين بين من يقول : الماء حرام ، وبين من يقول : الخمر
__________________
(١) في (أ) : تحريم ، وهو خطأ.
(٢) في (أ) : إلزامه.