العقل المستفاد ؛
فإنّ كلّ ما يخرج من قوّة إلى فعل فإنّما يخرجه غيره ، وقياس عقول الناس في
استفادة المعقولات إلى العقل الفعال قياس أبصار الحيوانات في مشاهدة الألوان إلى
الشمس.
واعلم أنّ هذه
المراتب النفسانية وردت في القرآن العزيز في التمثيل المورد لنور الله تعالى
وهو قوله عزوجل : (اللهُ نُورُ
السَّماواتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكاةٍ فِيها مِصْباحٌ الْمِصْباحُ
فِي زُجاجَةٍ الزُّجاجَةُ كَأَنَّها كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ
مُبارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لا شَرْقِيَّةٍ وَلا غَرْبِيَّةٍ يَكادُ زَيْتُها يُضِيءُ
وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نارٌ نُورٌ عَلى نُورٍ يَهْدِي اللهُ لِنُورِهِ مَنْ
يَشاءُ) . ولهذا قيل في الخبر : «من عرف نفسه فقد عرف ربّه».
فالمشكاة شبيهة
بالعقل الهيولاني لكونها مظلمة في ذاتها قابلة للنور لا على التساوي لاختلاف
السطوح والثقب فيها.
والزجاجة بالعقل
بالملكة ؛ لأنها شفافة في نفسها قابلة للنور أتمّ قبول.
والشجرة الزيتونة
بالفكرة ؛ لكونها مستعدّة لأن تصير قابلة للنور بذاتها لكن بعد حركة كثيرة وتعب.
والزيت بالحدس ؛
لكونه أقرب إلى ذلك من الزيتونة.
والذي يكاد زيتها
يضيء ولو لم تمسسه نار بالقوّة القدسية ، لأنّها تكاد تعقل
__________________