السابع : الجوهر غير مقدور لنا (١) ؛ لأنّ قدرتنا لا تتعلق بالمخترع من الأفعال ، بل بالمباشر أو التوليد ؛ لأنّا لو قدرنا على المخترع لامكننا أن نمنع من هو بالمشرق عن حركاته وسكناته بأن نوجد فيه أكوانا مخالفة لما يريده ، والضرورة قاضية ببطلانه.
ولا يمكننا أن نفعل الجوهر بالمباشرة وإلّا لزم التداخل.
وكذا بالتولد إذا لم يتعدّ محل القدرة (٢) ، ولا بالتولد الخارج عن محلّ القدرة ؛ لأنّ الذي تعدى به الفعل عنه هو الاعتماد ولا حظ له في توليد الجوهر ؛ لأنّا لو أدخلنا أيدينا في ظرف مشدود الرأس واعتمدنا عليه سنين متطاولة لم يمكننا إيجاد جوهر فرد.
الثامن (٣) : قد ثبت أنّ الجوهر ممّا يختص القديم تعالى بإيجاده ويجب أن يقع
__________________
(١) قسم القاضي عبد الجبار الأفعال إلى قسمين : أحدهما ما يدخل جنسه تحت مقدورنا ، والآخر ما لا يدخل جنسه تحت مقدورنا ، فقال : «ما لا يدخل جنسه تحت مقدورنا فثلاثة عشر نوعا : الجواهر ، والألوان ، والطعوم ، والروائح ، و... وأمّا الضرب الذي يدخل جنسه تحت مقدورنا فعشرة أنواع : خمسة من أفعال الجوارح ، وخمسة من أفعال القلوب ...» ، شرح الأصول الخمسة : ٩٠.
وقال : «إنّ الوجوه التي يصحّ أن يفعل عليها الفعل لا تعدو وجوها ثلاثة : الاختراع ، والمباشرة ، والتوليد.
أمّا الاختراع ، فلا شكّ أنّ القادر بالقدرة لا يقدر عليه ، لأنّه إيجاد فعل متعد عنه من غير سبب ، وهذا لا يتأتى من القادرين بالقدرة ، ان لو صحّ ذلك لصحّ من أحدنا أن يمنع غيره من التصرفات من غير أن يماسه أو يماس ما ماسه ، والمعلوم خلافه» ، شرح الأصول الخمسة : ٢٢٣. راجع أيضا النيسابوري ، التوحيد : ٣٩٠ وما يليها ؛ النيسابوري ، المسائل : ٥٨.
(٢) التوليد على ضربين ، أحدهما : أن يكون متعديا عن محل القدرة ، والآخر لا يكون متعديا عن محل القدرة ، والآخر لا يكون متعديا ، شرح الأصول الخمسة : ٢٢٣ ؛ التوحيد : ٣٩٦ ؛ المسائل : ٥٨.
(٣) راجع المحيط بالتكليف : ٨٧.