وشنع الشيخ عليهم في كتاب الإشارات وغيره (١) ، لكن أفتى به في كتاب المبدأ والمعاد. (٢)
والثاني : أنّ النفس الناطقة إذا عقلت شيئا ، فإنّما تعقل ذلك الشيء باتصالها بالعقل الفعال ، وتتحد به وتصير مع نفس العقل الفعال.
والذي يدل على بطلان المذهبين معا بالشركة : انّ الاتحاد محال في نفسه مطلقا ؛ لأنّ المتحدين قبل الاتحاد قد كانا اثنين متعددين متمايزين ، فبعد الاتحاد إن بقيا كما كانا ، فلا اتحاد لأنّهما لم يكونا متحدين بل متعددين متمايزين ، والتقدير أنّهما بعد الاتحاد كذلك وأنّهما كما كانا قبل الاتحاد. وإن عدما وحدث ثالث ، فلا اتحاد أيضا ، بل كان إعداما لشيئين وإيجاد الثالث ، وهذا غير منكر ؛ ولأنّ الضرورة قاضية ببطلان اتحاد المعدومين. وإن عدم أحدهما وبقي الآخر ، فلا اتحاد لقضاء الضرورة بامتناع اتحاد الموجود مع المعدوم. (٣)
ويدل على إبطال الأوّل بخصوصيته : أنّ النفس إذا عقلت شيئا ما وليكن (الف) واتحدت به وصارت حقيقة النفس حقيقة (الف) ، فإذا عقلت شيئا آخر وليكن (ب) ، فإمّا أن تتحد به أو لا.
والثاني هو المطلوب ، وهو : أنّ التعقل لا يستلزم الاتحاد. ولأنّه لا أولوية في اتحادها مع المعقول الأوّل دون اتحادها مع الثاني.
__________________
(١) قال الشيخ الرئيس : «وما يقال من أنّ ذات النفس تصير هي المعقولات فهو من جملة ما يستحيل عندي ، فانّي لست أفهم قولهم ...» الفصل السادس من المقالة الخامسة من الفن السادس من طبيعيات الشفاء.
(٢) وقال في نفس المصدر أيضا : «نعم هذا في شيء آخر يمكن أن يكون على ما سنلمحه في موضعه». وهذا الموضع في كتابه «المبدأ والمعاد» كما صرّح به العلّامة المصنّف وستأتي عباراته إن شاء الله تعالى.
(٣) راجع : نفس المصدر.