بأنّها مسخنة ، وإلّا لكانت النار حينما لا تكون مسخنة لغيرها لا تكون نارا ، بل لأنّها شيء يلزمها السخونة عند حلول المادة الجسمانية. وهذا الحكم صادق عليها عند كونها ذهنية.
والحاصل أنّ النار عبارة عن الشيء الذي إذا وجد في الخارج كان محرقا ، وإذا كان كذلك فحقيقته النار وإن حصلت في الذهن ، إلّا أنّها لا تكون محرقة ؛ لأنّ شرط كونها محرقة كونها موجودة في الخارج ، وإذا كانت في الذهن صدق عليها أنّها لو كانت في الخارج لكانت محرقة.
ولو وجّه السائل الإشكال في نفس السخونة لم يندفع بهذا الجواب.
وفيه نظر سبق تقريره ، وهو أنّ الماهية الذهنية إن ساوت الخارجية في جميع ما به صارت ماهية ، لزم المحال من التساوي في جميع لوازم الماهية ، وإلّا لم تكن لوازم للماهية ، بل بتوسط الوجود. وإن لم تكن مساوية بطل قولهم بالصورة وبالوجود الذهني ، لأنّ الموجود حينئذ لا يكون هو نفس الماهية ، ولا ما يساويها ، فلا يكون تعقل الاستدارة هو حصول الاستدارة ولا صورتها المساوية في العاقل ، وهو المطلوب.
وإذا عقلنا أنّ النار هي التي إذا وجدت في الخارج لزمها الإحراق ، فقد عقلنا الإحراق ؛ لأنّ علمنا بأنّ شيئا يلزمه آخر بشرط مخصوص يتوقّف على العلم بحقيقة اللازم والملزوم ، وإذا كنّا قد عقلنا الإحراق ـ والتعقل حصول المعقول ـ فقد حصل في ذهننا الاحراق ، فيكون الذهن محترقا إذ معنى المحترق : ما فيه الإحراق.
إلّا أن يقال : نحن لا نعقل حقيقة الإحراق ، بل نعقل منه أنّه الأمر الذي يلزمه اللازم الفلاني عند وجوده في الخارج ، لكن كلامنا في اللازم الفلاني كالكلام في الأوّل. ولأنّ الموجود الذهني إن خالف الخارجي في مفهوم كونه موجودا ، كان