بلوازمها ولا بالعوارض ، فلا يكون التميّز حاصلا ولا الاثنينية ، وقد فرضناها حاصلة هذا خلف. وإن كانت مخالفة لم يكن حصولها موجبا لتعقل تلك الحقيقة ، بل لتعقل ما تلك الصورة مأخوذة عنه ، فتعين الأوّل.
ثم ذلك الحضور دائم قطعا ، فالتعقّل يجب أن يكون دائما ، نعم قد تعرض له الغفلة عن اعتبار حصول ذاته لذاته.
وأيضا الإنسان إذا تتبع أحواله واستقرأها وجد من نفسه إدراكه لنفسه دائما ، والتجربة دلّت عليه ، فإنّ النائم يهرب من البرد الذي أصابه لا من البرد المطلق ، بل من الذي أصابه وألّمه ووصل إليه ، وإلّا لهرب من برد غيره ، لكن العلم بوصول البرد إليه يتضمن العلم به. وكذا القاصد إلى فعل من الأفعال لا يكون قصده إلى حصول ذلك الفعل مطلقا ، بل إلى حصول ذلك من جهته ، وذلك يتضمن العلم بذاته. فالإنسان بل الحيوان لا يحاول إدراكا ولا تحريكا مطلقين ، وإلّا لم يتخصص وقوعه بجزئي دون جزئي ، بل إلى إدراك وتحريك يصدر منه ويحصل له ، فظاهر أنّ علم الإنسان بنفسه دائم حاضر أبدا.
وفيه نظر ، فإنّه إن كان المقصود الحصول بالفعل ، فهو ممنوع ، لوقوع الغفلة لأكثر الناس في بعض الأوقات. وإن عنى به الحصول بالقوة القريبة من العقل الذي يمكن حصوله متى اعتبره المعتبر فهو كذلك ، لكنّه لا فرق حينئذ بين الذات ولوازمها.
تذنيبات : الأوّل : علم الإنسان بنفسه غير مكتسب ، وهو ضروري ، فإنّه لا شيء أقرب إليه من نفسه ، حتى يبرهن به عليها. ولأنّ الاستدلال على الشيء إما بعلته أو بمعلوله ، والقسمان باطلان.
أمّا إجمالا ، فلأنّ العاقل قد يغفل عن كل شيء إلّا عن وجود نفسه ، حتى إنّ النائم في نومه والسكران في سكره لا تعزب ذاته عن ذاته ، وإن لم يثبت تمثل ذاته