العرضي فيما (١) هو أقلّ عرضا ممّا لو كان مستقيما. وذلك أنّ الطول ينعكس من عاكس مستقيم ، والعرض ينعكس من عاكس منحن.
وإذا نظرنا إليها بحيث يكون طويلا محاذيا لعرض الوجه ، كان الأمر بالعكس ، فنرى الوجه عريضا عرضه بقدر عرض الوجه ، وطوله أقلّ من طوله.
وإذا نظرنا إليها بحيث يكون طويلا موربا في محاذاة الوجه ، نرى الوجه معوجا.
وإذا كانت المرآة بحيث ينعكس منها الشعاع من موضعين أو أكثر إلى موضع واحد ، رأى الناظر فيها لنفسه وجهين أو أكثر ، ورأسين أو أكثر ، ومن بعضها يرى وجهه متنكّسا.
وكذلك في الاختلافات المتنوعة التي تشتمل على أكثرها كتب المرايا ، ويحتال لها متّخذو المرايا على وجه يقصدونه. فقد ظهر ممّا مرّ أنّ ذلك غلط بديهة الإدراك النفساني من المحسوسات المتأدية إليها ، لا غلط الحس. (٢)
ز : الحس قد يجزم بالاستمرار مع أنّه لا يكون كذلك ؛ لأنّ الحس لا يفرق بين الشيء ومثله ، ولذلك يحصل الالتباس بين الشيء ومثله ، فبتقدير توالي الأمثال يظن الحس وجودا واحدا مستمرا ، وليس كذلك ، فإنّ الألوان غير باقية عند أهل السنة ، بل يحدثها الله تعالى حالا فحالا ، مع أنّ البصر يحكم بوجود لون واحد مستمر. فإذا احتمل ذلك ، احتمل أيضا أن يقال : الأجسام لا تبقى ، بل الله تعالى يحدثها حالا فحالا ، لكنّها لمّا كانت متماثلة متوالية يظنها الحس شيئا واحدا. فثبت
__________________
(١) في المصدر : «ممّا».
(٢) نقد المحصل : ٢١ ـ ٢٢.