الميعاد ، لأن ذلك قد يخلق حالة من الاستعداد الذي يؤخر أحدهما عن الآخر ، وربما يوجب بعض التردد والتراجع لدى الخائفين المترددين ، في ما لو علموا أن هناك معركة حربية تنتظرهم في مسيرهم هذا. وقد يكون في هذا الموقع الذي اتخذه المشركون ، الذي يتميز بالصلابة والقرب من الماء ، والموقع الذي اتخذه المسلمون ، الذي يتميز بالرمل المتحرك والبعد عن الماء ، إشارة إلى أنّ النصر لم يكن حاصلا من الأسباب الطبيعية التي تفرض الانتصار لمراكز القوى ، لأنّ القضية كانت عكسيّة ، لأن المواقع العسكرية لا توحي بانتصار المسلمين. (وَلكِنْ لِيَقْضِيَ اللهُ أَمْراً كانَ مَفْعُولاً) فقد أراد ـ سبحانه ـ أن يهيّئ الجوّ الملائم الذي تتحرك فيه المعركة باتجاه النتائج المفاجئة التي توحي بالرعاية الإلهية في ما تمثله من حجة للإيمان على الكفر ، وللمؤمنين على المشركين ، (لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ). وربما كان المراد من الهلاك الكفر أو الضلال ، باعتباره سببا للهلاك الأخروي أو الدنيوي ، في ما يقتضيه من أوضاع سلبيّة لأصحابه. (وَيَحْيى مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ) في ما يمثله الإيمان من حياة روحية ، في ما يحسّه الإنسان المؤمن من حياة مطمئنة ، أو في ما ينتهي إليه من حياة النعيم في الآخرة. فقد أراد الله للمؤمنين أن ينفتحوا على الإيمان من موقع الحجة لهم على الآخرين ، كما أراد أن يقيم الحجة على الكافرين في ما أشركوا بالله ما لم ينزل به سلطانا. (وَإِنَّ اللهَ لَسَمِيعٌ عَلِيمٌ) ، فهو الذي يسمع دعوات المؤمنين واستغاثتهم ، ويعلم ضعفهم وحاجتهم للتأييد والنصر.
* * *
رؤية النبي للمنام ... واستبشار المؤمنين بالنصر
(إِذْ يُرِيكَهُمُ اللهُ فِي مَنامِكَ قَلِيلاً) وقد رأى النبي في منامه قريشا وهم