يواجهان الحقيقة بالسقوط الإنساني في الدنيا وبالعذاب الأبدي في الآخرة ، ولعل مصير المتكبر الأكبر والأناني الأعظم ، إبليس ، هو الشاهد الحي على ذلك كله ، (وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ) [المنافقون : ٨].
* * *
إبليس في إحاطته بالإنسان
ذكر صاحب تفسير الميزان في تفسير قوله تعالى في ما قصّة من كلام إبليس إن المراد من قوله : (مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ) «ما يستقبلهم من الحوادث أيام حياتهم مما تتعلق به الآمال والأماني من الأمور التي تهواها النفوس وتستلذها الطباع ، ومما يكرهه الإنسان ويخاف نزوله به ، كالفقر يخاف منه لو أنفق المال في سبيل الله ، أو ذم الناس ولومهم لو ورد سبيلا من سبل الخير والثواب.
والمراد بخلفهم ناحية الأولاد والأعقاب ، فللإنسان فيمن يخلفه بعده من الأولاد آمال وآمان ومخاوف ومكاره ، فانه يخيّل إليه أنه يبقى ببقائهم فيسرّه ما يسرّهم ، ويسوؤه ما يسوؤهم ، فيجمع المال من حلاله وحرامه لأجلهم ، ويعدّ لهم ما استطاع من قوة ، فيهلك نفسه في سبيل حياتهم.
والمراد باليمين ـ وهو الجانب القوي الميمون من الإنسان ـ ناحية سعادتهم ـ وهو الدين ـ وإتيانه من جانب اليمين ، أن يزيّن لهم المبالغة في بعض الأمور الدينية ، والتكلف بما لم يأمرهم به الله ، وهو الذي يسميه الله تعالى باتباع خطوات الشيطان.
والمراد بالشمال خلاف اليمين ، وإتيانه منه أن يزين لهم الفحشاء والمنكر ويدعوهم إلى ارتكاب المعاصي واقتراف الذنوب واتّباع الأهواء» (١).
__________________
(١) تفسير الميزان ، ج : ٨ ، ص : ٣٢ ـ ٣٣.