إبليس والتكبر
جاء في الكافي عن علي بن الحسين عليهالسلام في حديث : «وللمعاصي شعب ، فأول ما عصى الله به الكبر معصية إبليس حين أبى واستكبر» (١).
إنّ قيمة هذا الحديث هي الإشارة إلى الأساس الذي دفع بإبليس إلى عصيان أمر الله في السجود لآدم ، فلم تكن المسألة مسألة إخلاص في توحيد الله بحيث يمنعه من السجود لغيره ، لأن السجود ليس عبادة لآدم وخضوعا له ، بل هو سجود لله في التعبير عن الإحساس بعظمته في خلقه ، وتحية لآدم في العناصر المميزة في ذاته ، بل كانت المسألة مسألة إحساس بالكبرياء الذاتي أو التفوق العنصري الذي يجعله مستغرقا في مشاعره المعقّدة ، على أساس أنه يملك من عناصر الامتياز ما لا يملكه هذا المخلوق الجديد ، وذلك بالتفكير في القضية من جانب واحد وهو جانب العنصر الناري ، الذي هو أقوى من العنصر الترابي ، والغفلة عن العناصر الأخرى المميزة التي تتمثل في خلق آدم ، حتى أن الترابية إذا كانت أضعف من النارية من بعض الجهات ، فإنها تتميز بخصائص كثيرة في إغناء الحياة في عملية الخصب والنموّ والعمران ونحو ذلك ، وعدم الالتفات إلى أن الله لم يجمع في أيّ موجود كل الخصائص ، بل جعل لكل موجود خصائص معيّنة تختلف عما جعله في الموجود الآخر ، لأن تنوع الموجودات في خصائصها وعناصرها هو الذي يمنح النظام الكوني توازنه وتكامله من خلال اجتماع العناصر المتنوّعة في داخله.
وفي ضوء ذلك ، نعرف أن الأنانية لا تمثل حالة وعي في الإنسان بلحاظ استغراقه في أعماق الذات ، بل تمثّل حالة غفلة إنسانية عن سرّ التنوّع في
__________________
(١) الكافي ، ج : ٢ ، ص : ٣١٦ ، رواية : ٨.