ونحن ، في الوقت الذي نتفق فيه مع العلّامة الطباطبائي في تحفّظاته على رواية سبب
النزول ، وفي موافقته على الروايتين المذكورتين أعلاه واعتبارهما من روايات التطبيق على الآية ، لا نتفق معه في تفسير ذلك بأن الآية المصدّرة بقوله : (* يا بَنِي آدَمَ) لا تختص بأمة دون أمّة ، لأن ذلك لا يتنافى مع انطلاق الآية الشاملة من مناسبة خاصة لتكون المنطلق للخطاب الشامل ، كما هو الحال في كل روايات أسباب النزول ، ولكننا في الوقت نفسه ، لا نجد أيّة مناسبة بين القصة المذكورة وسياق الآية الواردة في الحديث عن البرنامج العملي للإنسان في المظهر الاجتماعي ، في حياتهم في المساجد ، فيأخذون بزينتهم التي تمثل المظهر اللائق بهم من حيث التمييز بين ما يكون زينة وما لا يكون كذلك ، من دون أن يظهر منها الحديث عن الثوب في مقابل العري ، فلا علاقة لها ، حسب ظاهر السياق ، بالحادثة المذكورة ، لا سيما إذا كانت الآية لا تقتصر على ذلك بل تمتد إلى نظام الأكل والشرب ، لتتحدث بعد ذلك الآية التالية لها عن القاعدة العامة التي أراد الله للإنسان المؤمن أن يتحرك فيها في حياته في الأخذ بزينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق ، ليجعلها الله خالصة له يوم القيامة ، ممّا يجعل الأمر متنوعا في عناصره وليس واردا في أمثال حالة معينة في خط الروايات الواردة في سبب النزول ، وهذا هو الذي يؤيّد الرأي القائل إن الكثير من مواردها جار على سبيل الاجتهاد لا الرواية.
* * *
المنهج الإلهي في توجيه حياة الإنسان
هذا هو النداء الثالث الذي يريد الله أن يوجه به الإنسان إلى منهجه ليمارس ـ من خلاله ـ حياته ، في ما يحتاجه جسده من أكل وشرب ولباس وزينة ... ليقف من ذلك كله في نقطة التوازن ، فلا يتعقد من حاجات الحياة