عن الآباء للزعامة والوجاهة ، بل هي قضية رسالة وتقوى وعبادة ، وهذا ما يتحمل مسئوليته المتقون الذين أبعدوا عن دورهم الطبيعي في هذه المجالات (وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ).
ثم يلتفت إلى ما كانت تقوم به قريش من مظاهر العبادة في البيت الحرام ، فيصوّر لنا ذلك بصورة الألعوبة التي لا تمثل أيّ معنى من معاني العبادة.
* * *
ضلال سعي الكفار لإبطال دعوة الله
(وَما كانَ صَلاتُهُمْ عِنْدَ الْبَيْتِ إِلَّا مُكاءً وَتَصْدِيَةً) فقد كانت صلاتهم نوعا من أنواع العبث الذي يمارسونه صفيرا بأفواههم وتصفيقا بأيديهم ، من دون خشوع أو خضوع. (فَذُوقُوا الْعَذابَ) في جهنم (بِما كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ) بالله ورسالاته. وتبقى نشاطاتهم في ما ينفقون من أموالهم في سبيل أنانيتهم ومطامعهم ومخططاتهم المشبوهة في إبعاد الناس عن طريق الله ، وفي تدبير المكائد للمؤمنين ، أملا في الانتصار والوصول إلى ما يريدون أو يستهدفون ... ولكن الله يكشف لنا عن النتائج السلبية التي يحصلون عليها من ذلك ، بالمستوى الذي يحوّل كل جهودهم إلى حسرات وهزائم.
(إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللهِ) في ما يبذلونه في المعارك التي يثيرونها ضد الإسلام والمسلمين. (فَسَيُنْفِقُونَها) ويخسرونها ، لأنهم لن يربحوا منها شيئا. (ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً) لأنهم يرونها تتبدّد وتذوب بين أيديهم من دون فائدة. وتلك هي روحية الإنسان الذي يبذل ما يبذل من جهد في سبيل جمع المال ، ليضمن من خلاله تحقيق أغراضه وأمانيه. وإذا به يجد نفسه وجها لوجه أمام الخسارة الفادحة التي تحطم كل أحلامه وكل مستقبله. (ثُمَّ يُغْلَبُونَ) ، فتجتمع لديهم الخسارة المادية والخسارة المعنوية. وماذا بعد ذلك؟ هل تقف الخسارة عند هذا الحد؟ إن