إليه في خشوع الإخلاص ، وسيرفع الله العذاب عن الأمة كرامة لهؤلاء المستغفرين ، لأن الله يريد للجانب الخيّر في الحياة أن يبقى ويمتد من أجل أن يهيمن على جانب الشر فيها ، ولو بعد حين. (وَما كانَ اللهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ).
* * *
تأخير عذاب الكفّار ليوم القيامة
(وَما لَهُمْ أَلَّا يُعَذِّبَهُمُ اللهُ وَهُمْ يَصُدُّونَ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ). ربما كان هذا التأكيد على عذاب الله لهم ناشئا من استحقاقهم للعذاب ، لولا وجود رسول الله بينهم. ولكن الله يؤخر عذابهم إلى يوم القيامة ، فقد صدوا عن المسجد الحرام كل المؤمنين ، فهم كانوا يضطهدونهم في مكة ، ويمنعون من كانوا خارجها من المجيء إليها للحج والعمرة. وقد فسر البعض العذاب هنا بالقتل الذي نزل بهم في معركة بدر وغيرها ، ويؤيد ذلك أن الله عبّر عن القتل بالعذاب في قوله تعالى : (قاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللهُ بِأَيْدِيكُمْ) [التوبة : ١٤] ، ولكن هذا غير واضح من سياق الآية ؛ والله العالم.
* * *
أولياء الله هم المتقون
(وَما كانُوا أَوْلِياءَهُ) لأنهم أشركوا بالله غيره ، ودنسوا الكعبة بأصنامهم ، وابتعدوا في مفاهيمهم وتقاليدهم عن خط الرسالات ، وأقبلوا على أفكار الجاهلية وعاداتها ، مما جعلهم بعيدين عن الله وعن بيت الله ... (إِنْ أَوْلِياؤُهُ إِلَّا الْمُتَّقُونَ) الذين يخافون الله ويؤمنون به ، ويعبدونه ، ويعمرون مساجده بالعبادة والعلم والتقوى ، فتتحول ـ من خلالهم ـ إلى أجواء خاشعة من الروحانية والإيمان ؛ لأن قضية المساجد ليست قضية امتياز يتوارثه الأبناء