الآخرة تنتظرهم بعذابها. (وَالَّذِينَ كَفَرُوا إِلى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ) ليلاقوا جزاء أعمالهم ، ويعيشوا الحسرة العظمى التي لا حسرة بعدها.
* * *
الخبثاء مركومون في جهنم
وهكذا يريد الله من الإنسان تجسيد خصائصه الذاتية ، في نشاطاته وعلاقاته ومعاملاته ومواقفه ، وإظهارها (لِيَمِيزَ اللهُ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ) في الصفات الخبيثة الشريرة التي تتمثل في الأول ، وفي العاقبة الخاسرة الوخيمة التي تواجه الخبيث ، وفي الصفات الطيبة الخيّرة المتمثلة في الثاني ، وفي العاقبة الرابحة المشرقة التي تواجه الطيب في الدنيا والآخرة ... (وَيَجْعَلَ الْخَبِيثَ بَعْضَهُ عَلى بَعْضٍ فَيَرْكُمَهُ جَمِيعاً) بأن يجمع الخبثاء في يوم القيامة ، ويلقيهم بعضهم فوق بعض (فَيَجْعَلَهُ) أي الخبيث (فِي جَهَنَّمَ) تماما كما يلقي حزمة الحطب فيجعلها وقودا للنار. (أُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ) وأيّ خسارة أعظم من الخسارة الخالدة ، التي يفقد الإنسان معها كل أمل بالربح في المستقبل القريب والبعيد؟!
ويختم الله هذا الفصل بتوجيه الأمر للنبي ، بأن يطرح على هؤلاء الكافرين النصيحة الإلهية الحاسمة ، في ما يجب أن يفكروا به للحاضر والمستقبل. (قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا) ويسلموا في تفكيرهم ومنهجهم العملي للحياة ، ويرجعوا إلى الله في كل شيء (يُغْفَرْ لَهُمْ ما قَدْ سَلَفَ) من ذنوبهم ، لأن الله يغفر للمؤمن كل ما جناه في زمان كفره. (وَإِنْ يَعُودُوا) إلى ما كانوا عليه من التمرد والعصيان والصد عن سبيل الله ، ومحاربة الله ورسوله (فَقَدْ مَضَتْ سُنَّتُ الْأَوَّلِينَ) الذين كذّبوا وتمرّدوا وواجهوا الأنبياء بالمحاربة ، ونصر الله رسله عليهم ومزّقهم شرّ ممزّق.
* * *