التمرد على الحق الصادر من الأنبياء ، يؤدي إلى عذاب إلهيّ دنيوي من نوع إمطار الحجارة من السماء عليهم ، أو ما أشبه ذلك من العذاب ، كإنزال الصاعقة ، أو النار الهابطة من السماء ، أو غير ذلك مما كان يحلّ على الأمم السالفة.
ولذلك فإنهم وجّهوا هذا الدعاء إلى الله بروحيّة التحدّي للرسول الذي يريدون إظهاره بمظهر المدّعي للنبوّة من غير أساس ، لأنه لو كان صادقا في ما يدّعيه ، لكان تكذيبهم له موجبا لنزول العذاب عليهم ، كما هي سنّة الله مع الأمم السابقة المكذّبة للأنبياء. ولكن الله يرد عليهم ـ بطريقة غير مباشرة ـ بأن الله لن يعامل هذه الأمة ، بما كان يعامل به الأمم السابقة من أساليب العذاب غير المألوف ، والخارق للعادة ، لأن الله لم يرد للأمّة أن تنتهي بالعذاب ، بمجرد قيامها بالتمرّد والكفران ، بل يريد لها الامتداد من خلال حركة الرسول السائرة أبدا في خط الأمل الكبير بانتصار الإيمان على الكفر ، وغلبة الهدى على الضلال ... ولذلك فإن الله ـ سبحانه ـ أراد له أن يصبر ويواصل الدعوة تلو الدعوة ، والأسلوب تلو الأسلوب ؛ فإذا أخفق أسلوب في مرحلة ، فإن هناك أسلوبا آخر ينتظر التحرك في مرحلة أخرى.
* * *
وجود النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم مانع لنزول العذاب
وإذا ابتعدت جماعة عن خط الدعوة إلى الله ، فإن هناك جماعة أخرى تقترب منه في عمليّة إيمان ولقاء. وبذلك كانت المسيرة مستمرة مع رسول الله ، فلا مجال ـ معه ـ للعذاب ، لأنه يعني نهاية المسيرة (وَما كانَ اللهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ). أما إذا غاب رسول الله عن الدنيا ، ولاقى وجه ربّه ، فسيبقى ـ بعده ـ مستغفرون ، يستغفرون الله في كل صباح ومساء ، ويبتهلون