من ملامح المجتمع الكافر
وهذه صورة حيّة للأسلوب الذي كان يستخدمه الكافرون في مواجهة الرسول والرسالة ، وللجوّ العدواني الذي كانوا يثيرونه ضدّهما ... وكيف واجههم الله بوعيده بإنزال العذاب عليهم في الآخرة ، وبدحر مخططاتهم في الدنيا ، وبكشف كل أوضاعهم المنحرفة الضالة.
* * *
استهانة الكفّار بآيات الله تعالى
(وَإِذا تُتْلى عَلَيْهِمْ آياتُنا) في ما كان يتلوه عليهم رسول الله من وحي الله ، ليتأملوا وليفكروا في معانيه ليهتدوا به ، (قالُوا قَدْ سَمِعْنا) في طريقة توحي بالاستخفاف واللّامبالاة ، كمن يحاول أن ينتهي من الموضوع بشكل سريع ، ولهذا فهو يحاول أن لا يدخل في حوار للوصول إلى النتيجة الحاسمة ، فيلقي الكلام من دون تفكير. (لَوْ نَشاءُ لَقُلْنا مِثْلَ هذا) ، لأن ما تقدمه لنا ـ يا محمد ـ مجرد كلام ، كالكلام الذي نحدث به بعضنا بعضا ، فليس فيه شيء غير مألوف بما تعوّد الأنبياء أن يقدّموه إلى الناس. (إِنْ هذا إِلَّا أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ) في ما كانوا يتحدثون به من خرافات لا تمثل شيئا من الحقيقة. وهكذا نجد أنهم لا يريدون للمسألة أن تأخذ الطابع الجديّ للنقاش وللحوار المفيد.
(وَإِذْ قالُوا اللهُمَّ إِنْ كانَ هذا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنا حِجارَةً مِنَ السَّماءِ أَوِ ائْتِنا بِعَذابٍ أَلِيمٍ). لقد كان أهل مكة يؤمنون بالله ، ولكنهم كانوا يشركون بعبادته غيره ، في ما صنعوه من الأصنام التي يعتبرونها قريبة من الله في ما تختزن ـ في داخلها ـ من أسرار ، وبذلك فإنها تقرّبهم إلى الله زلفى. ولهذا فإنهم يتوجهون إلى الله من موقع الواثق بصحة عقيدته في ما يعبد من هذه الأصنام ، والعارف ـ من خلال ما كان يسمعه من أحاديث الأنبياء ـ بأن