يعتبر الأمانة بمثابة المسؤولية عن كلّ شيء يتّصل بالآخرين في إطار طاقاته ، والقاعدة الصلبة التي يرتكز عليها وجوده ، بينما يعتبر الخيانة الفردية والجماعية خارجية عن الخط المستقيم ، ومنفصلة عن البناء المتماسك للوجود الإيمانيّ الإنسانيّ في الحياة.
وهذا ما أثارته الآية الكريمة في هذا النداء : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا) في ما يوحي به الإيمان من عمق الالتزام وامتداده وقوّته. (لا تَخُونُوا اللهَ) في ما تفرضه حقيقة الألوهية والوحدانية من إخلاص العبودية له (وَالرَّسُولَ) في ما يعنيه الإيمان بالرسالة من الالتزام بالمفاهيم العامة التي تدعو إليها ، والتعاليم الشرعية التي تأمر بالخير ، وتنهى عن الشر ، وتدفع إلى الحق ، وتبعد عن الباطل ، فإن خيانة الله والرسول في ذلك تعني الكفر والضلال ... (وَتَخُونُوا أَماناتِكُمْ) فإن الله يريد للحياة الاجتماعية أن ترتكز على الثقة المتبادلة بين الأفراد ، القائمة على الإخلاص في حمل الأمانة وفي تأديتها إلى أهلها ، من دون فرق بين الأمانات العامة المتمثلة بالتشريعات الإلهية في المسؤوليات التي حملها الله للناس. (وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ) قيمة العهد الإلهي والرسالي في خط الإيمان ، والعقد الفردي والجماعي في دائرة الأمانة ، وإذا كنتم تعلمون ذلك ، فإن العلم يمثّل الحجة البالغة التي لا تملكون معها أيّ لون من ألوان العذر في ما لو انحرفتم عن الطريق المستقيم.
* * *
تحذير مبطن من فتنة الأموال والأبناء
(وَاعْلَمُوا أَنَّما أَمْوالُكُمْ وَأَوْلادُكُمْ فِتْنَةٌ). فليست الأموال امتيازا ذاتيا للطغيان والتجبّر ، وليس الأولاد منحة شخصية للشعور بالقوة والخيلاء ، بل