أبي جعفر وأبي عبد الله عليهماالسلام (١).
ومعنى الرّواية الأولى أقرب للانطباق على ما سنرى في التفسير الذي اعتمدناه للآيتين موضوع البحث. وأما قصة أبي لبابة وتوبته وإن كانت صحيحة وقابلة للانطباق على مضمون الآيتين لا سيما لجهة فتنة الأهل ، غير أنها وقعت بعد قصة بدر بوقت كثير. وظاهر الآيتين ، إذا ما قيستا إلى الآيات السابقة عليهما ، نرى أنها جاءت جميعها في سياق واحد ، ونزلت بعيد وقعة بدر بقليل ، والله العالم.
* * *
نهي إلهيّ عن خيانة أمانته ورسوله والمؤمنين
وهذا هو النداء الثالث الذي يدعو المؤمنين إلى اعتبار الإيمان عهدا بين المؤمن وبين الله ورسوله ، بإخلاص العبودية لله ، وإسلام الحياة كلها له ، وإخلاص الالتزام بالشريعة التي جاء بها رسوله ، والعمل على تحقيق الأهداف الكبرى التي أراد الله للحياة أن ترتكز عليها في مضمونها الروحي والماديّ ، وفي حركتها الجهادية في مواجهة كل تحديات الباطل ، من أجل إقامة الحق في واقع الإنسان ، كما يدعوهم إلى الإخلاص للأمانات الفردية والاجتماعية ، في ما يأتمن به الأفراد بعضهم البعض في قضايا المال والعرض والنفس والسرّ ، وفي ما يتحملونه في نطاق المجتمع من مسئوليات سياسية أو اجتماعية واقتصادية وعسكرية ، ممّا يعتبر في مستوى الأمانة العامّة ، من أجل سلامة الأمة في قضية المصير. وبذلك يكون الفرد المؤمن ، هو الفرد الأمين على قضايا الناس والحياة ، ويكون المجتمع المؤمن هو المجتمع الذي
__________________
(١) مجمع البيان ، ج : ٤ ، ص : ٨٢٣ ـ ٨٢٤.