(وَلِيُبْلِيَ الْمُؤْمِنِينَ مِنْهُ بَلاءً حَسَناً) ، في ما يمتحنهم به من النصر الكبير الذي أمدّهم به بلطفه وبقوته. وهذا البلاء الحسن هو الذي يوحي لهم بنعمة الإيمان ودوره في بناء شخصيتهم على أساس العزّة والحرّية ، بالإضافة إلى الغنائم التي غنموها ، والمكاسب التي حصلوا عليها. (إِنَّ اللهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) يسمع استغاثتهم ودعواتهم وابتهالاتهم في حالات الشدة ، ويعلم ضعفهم وبلواهم وحاجتهم إليه في أوقات الاهتزاز والخوف.
(ذلِكُمْ وَأَنَّ اللهَ مُوهِنُ كَيْدِ الْكافِرِينَ) في ما يدبرونه أو يخطّطونه لهزيمة المؤمنين وإضعافهم ، من أجل إضعاف الإيمان في الحياة. فقد ينجحون في بعض المراحل والمواقع ، ولكن النهاية هي الفشل والهزيمة. (إِنْ تَسْتَفْتِحُوا فَقَدْ جاءَكُمُ الْفَتْحُ). ربّما كان الأقرب إلى جوّ كلمات هذه الآية ، أن يكون الخطاب للكافرين ، وذلك من خلال الحديث عنهم في الآية السابقة ، بأنّ الله موهن كيدهم ، فقد ورد في بعض الروايات : أن أبا جهل كان يطلب من الله الفتح ، فكان الجواب على ذلك : إنكم إذا طلبتم الفتح ، فهذا هو الفتح ، ولكنه ليس الفتح الذي تريدونه ، بل هو الفتح للمسلمين الذين حملوا رسالة الله ، ونصروا دينه بصدق وإخلاص.
* * *
الله يحض الكافرين على كفّ شرورهم ويحذرهم نفسه
(وَإِنْ تَنْتَهُوا فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ) ، لأن كل هذه المكائد التي تكيدونها لله ولرسوله وللمؤمنين ، ستكون وبالا عليكم ، لأن الله سيبطل كيدكم في نهاية المطاف ، فإذا انتهيتم عن ذلك ، وغيّرتم وبدّلتم ، وسرتم على الصراط