عن الضغوط التي تجعله مقهورا في إرادته ؛ فهناك الأشياء التي تشجع جانب الغفلة في نفسه ، وهناك العوامل التي تفتح له باب التفكير ... وله أن يقوّي هذا الجانب بالتعمّق في النتائج السلبية والإيجابية التي تتيح له وضوح الرؤية ، لما يتخذه من مواقف في هذا الاتجاه أو ذاك ، فقد هيأ الله له ذلك في الاتجاهين في ما أعطاه من فكر يقوده إلى النتائج الحاسمة في حركة الإيمان.
* * *
الله ينفي الجنون عن النبي
(أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا) في كل ما واجههم من أمر الدعوة ، في شخصية الرسول الداعية ، وفي ما جاء به من وحي الرسالة؟ فهل يجدون فيه إلّا العقل الواسع ، والأفق العميق للفكر ، المنفتح الروح؟ وهل يرون فيه شيئا مما تثيره الكلمات اللامسؤولة التي يطلقها المشركون ضده؟ إن الفكر الحرّ سيقودهم إلى النتيجة الحاسمة (ما بِصاحِبِهِمْ مِنْ جِنَّةٍ) ، فليس هناك أي مظهر لذلك من قريب أو من بعيد ، بل هناك ما هو مضاد له في ما يتمثل في دعوته من وعي للمسؤولية ، وتوعية للإنسان في قضايا المصير في ما ينتظره من عذاب أخروي من جرّاء الانحراف (إِنْ هُوَ إِلَّا نَذِيرٌ مُبِينٌ) وهل يلتقي هذا الخط الفكري الذي يمنع الإنسان ويحذره من الوقوع في الهلاك والعذاب ، بتلك الكلمات اللامسؤولة التي تتهمه بالجنون؟! إن القضية لا تحتاج إلا إلى فكر ينظر إلى الأشياء بعمق وصفاء.
* * *