ملكوت الله تعالى مظهر لعظمته
(أَوَلَمْ يَنْظُرُوا فِي مَلَكُوتِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) ويتأملوا في هذا العالم الواسع المترامي ، في ما تمثله السموات والأرض من عوالم متنوعة في مظاهرها وخصائصها. (وَما خَلَقَ اللهُ مِنْ شَيْءٍ) ، في ما خلقه الله من الموجودات التي تحتويها هذه العوالم ، والتي تتمثل فيها أسرار العظمة ومظاهر الإبداع ... لينطلقوا من هذا النظر القائم على التفكير إلى الشعور بالمسؤولية في ما يستوحونه من إيمان بالله وبشرائعه ، وليعيشوا الحياة من خلال ذلك ، فيفكروا بالحساب على أساس الثواب والعقاب. (وَأَنْ عَسى أَنْ يَكُونَ قَدِ اقْتَرَبَ أَجَلُهُمْ) فيدفعهم ذلك إلى الإحساس بالخوف من ضياع الفرصة من أيديهم ، فقد لا يستطيعون إصلاح ما فسد إذا لم يبادروا اليوم قبل الغد ، لا سيما أن عناصر الإيمان متوفرة لهم. فإذا لم يؤمنوا بها فبم يؤمنون؟ (فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ) إذ ليس هناك أيّة قاعدة للإيمان بأيّ شيء آخر ...
* * *
(مَنْ يُضْلِلِ اللهُ فَلا هادِيَ لَهُ)
(مَنْ يُضْلِلِ اللهُ فَلا هادِيَ لَهُ) لأن للهدى أسبابه الطبيعيّة التي تحتمه كنتيجة ، فإذا لم يأخذ الإنسان بهذه الأسباب التي هيّأها الله له ، كان الضلال هو نتيجة حتمية للعوامل التي أودعها الله في خصائص الأشياء ، ذلك أن الله لا يتدخل ـ بطريقة قسرية ـ في هدايتهم ، بل يتركهم لمصيرهم الذي اختاروه لأنفسهم. (وَيَذَرُهُمْ فِي طُغْيانِهِمْ) المتمثل في كفرهم وتمرّدهم (يَعْمَهُونَ) ، أي يترددون ويتحيرون ويعيشون في أجواء الضياع في متاهات الضلال.
* * *