فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَراتِ رِزْقاً لَكُمْ فَلا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْداداً وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ (٢٢) وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنا عَلى عَبْدِنا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَداءَكُمْ مِنْ دُونِ اللهِ
____________________________________
الأرض بعد موتها (فَأَخْرَجَ بِهِ) بما خلقه فيه وقدره من الخواص (مِنَ الثَّمَراتِ) يجوز ان يراد بها ما يعم الحبوب والأطعمة (رِزْقاً لَكُمْ) وهل يكون ذلك من غير الإله القادر العليم الحكيم. وانكم لتعترفون بالإله وان هذا كله من خلقه وانعامه فما بالكم تجعلون معه آلهة ولو بزعم انها من تنزلات الإلهية. او انها منبثقة من الإله. او انها مظاهره. او بناء على مزاعم العقول العشرة وانه لا يمكن أن يصدر من الله إلا العقل الأول تعالى الله عما يصفون (فَلا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْداداً) جمع ندّ بكسر النون. قيل ان الندّ المثل وقيل الضدّ. وفي النهاية هو مثل الشيء الذي يضادّه في أموره وينادّه أي يخالفه. وفي المصباح لا يكون الندّ إلا مخالفا. وفي التبيان ومجمع البيان في الآية المائة والستين وأصل الندّ المثل المناوئ. وفي الكشاف في هذه الآية ولا يقال إلا للمثل المخالف المناوي ومثله في جمع الجوامع. وفي المصباح ناويته عاديته او فعلت مثل فعله مماثلة. وفي القاموس فاخره وعاداه ونحوه في النهاية. والمشركون يجعلون لأوثانهم وما يؤلهونه صفة الإلهية واعمالها وبذلك يجعلون كلا مما يشركون به ندّا لله ومثلا معارضا له في إلهيته واعمالها (وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ) ان الإله الخالق المعبود والمطاع هو الله فما هذه المزاعم وما هذا الشرك المناقض لعلمكم ومعرفتكم ولو تدبرتم الحجج الساطعة لعرفتم كيف لبست عليكم الأوهام ودلست على عقولكم الأهواء. فوحدوا الله ايها الناس كما هو حقه وآمنوا بعبد الله رسوله الذي جاء بالحجج الباهرة وأنزل عليه القرآن العظيم ٢٣ (وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنا) من القرآن (عَلى عَبْدِنا) وشككتم في انه كلام الله ووحيه المنزل من عنده وجوزتم أن يأتي به بشر من عند نفسه بلا وحي من الله (فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ) أي مثل القرآن فإنه نزل بلسانكم العربي وأنتم اهل الفصاحة والبلاغة. وقد بلغتم أوج الرقي في الأدب العربي بما تناله القدرة البشرية ولكم المهلة والأناة (وَادْعُوا شُهَداءَكُمْ مِنْ دُونِ اللهِ) الذين ينصرونكم ويشهدون لكم لكي تستظهروا بشهادتهم فإن الله لا يشهد لكم فإنه يعلم انكم لا تقدرون على ذلك. او وادعوا رجال بلاغتكم الذين يشهدون المواسم وأسواق العرب