(٢٢٦) وَالْمُطَلَّقاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ وَلا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ ما خَلَقَ اللهُ فِي أَرْحامِهِنَّ إِنْ كُنَّ يُؤْمِنَّ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ
____________________________________
أحاديث الفريقين ٢٢٦ (وَالْمُطَلَّقاتُ) بالطلاق المشروع (يَتَرَبَّصْنَ) جملة خبرية يراد بها الأمر وذلك ابلغ من الإنشاء في الطلب والإيجاب لصوغه بقالب ان المطلوب منه يقع منه ذلك ولا يكذبك (بِأَنْفُسِهِنَ) ويمسكنها عما يقتضيه الحال وطبايعهن من الطموح الى الزواج ومقدماته ولا يخرجن من رعاية الزوج وحيطته (ثَلاثَةَ قُرُوءٍ) القرء يأتي للطهر والحيض وهو هنا الطهر وعليه اجماع الإمامية وحديثهم وقول المالكية والشافعية والمروي عن عائشة وزيد بن ثابت وابن عمر كما في الدر المنثور. وفيه قال ابن شهاب سمعت أبا بكر بن عبد الرحمن يقول ما أدركت أحدا من فقهائنا الا وهو يقول هذا انتهى (١) ولقوله تعالى في أول سورة الطلاق الموسومة بأنها مكية (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَ) اي في عدتهن التي تراد لاستبراء الرحم وعندها كما يقال ولد لست خلون من الشهر او لسبع بقين منه وقد انعقد الإجماع من المسلمين على ان طلاق السنة هو ما كان في الطهر وبه جاء قول الرسول الأكرم (ص) لابن عمر حين طلق امرأته وهي حائض ما هكذا أمرك الله انما السنة ان تستقبل الطهر استقبالا وقوله (ص) فإن بدا له ان يطلقها طاهرا قبل ان يمسها فذاك الطلاق للعدة كما انزل الله عزوجل. او فتلك العدة التي امر الله ان تطلق لها النساء كما في جوامع الجمهور وجوامعنا في الحديث واطلاق حكم المطلقات هنا مقيد بحكم الآية الثامنة والأربعين من سورة الأحزاب والرابعة من سورة الطلاق مع تأكيدها برواياتنا في اليائس بغير ريبة (وَلا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ ما خَلَقَ اللهُ فِي أَرْحامِهِنَّ إِنْ كُنَّ يُؤْمِنَّ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ) يعني ان من كانت تؤمن بالله واليوم الآخر
__________________
(١) قال الأعشى في خطابه لكثير الغزو «لما ضاع فيها من قروء نسائكا» يريد ان أطهار نسائه ضاعت لما فات فيها من الجماع والحبل. ومن الغريب تأويل الكشاف للقروء في شعر الأعشى بالعدة : وفي المصباح عن ابن فارس ويقال انه اي «القرء» للطهر «اي بحسب الوضع» وذلك ان المرأة الطاهر كان الدم اجتمع في بدنها وامتسك: وفي لسان العرب قال ابو اسحق ان الذي عندي في حقيقة هذا ان القرء في اللغة الجمع ـ فإن القرء اجتماع الدم في الرحم وذلك انما يكون الطهر. وأقول ان المحصل من معناه بحسب موارد الاستعمال هو ما يناسب الجمع والاحتواء والضم. ففي معلقة عمر بن كلثوم «ذراعي عيطل ادماء بكر هجان اللون لم تقرء جنينا» اي لم تضم جنينا ولم تحتو عليه. وفي لسان العرب «ولم تقرء جنينا ولا دما» ومنه قولهم أقرأت النجوم إذا غابت اي دخلت فيما يضمها عن الظهور. ويكون استعمال القرء بالحيض مجازا بعلاقة ان الدم الخارج فيه كان مقروءا في الجسم او الرحم. واما ان معنى القرء الوقت فلم يعرف له شاهد. وحمل الآية عليه تعسف وشذوذ