مِنْ بَعْدِ ذلِكَ فَهِيَ كَالْحِجارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً وَإِنَّ مِنَ الْحِجارَةِ لَما يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الْأَنْهارُ وَإِنَّ مِنْها لَما يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ الْماءُ وَإِنَّ مِنْها لَما يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللهِ وَمَا اللهُ بِغافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ(٧٤) أَفَتَطْمَعُونَ أَنْ يُؤْمِنُوا لَكُمْ وَقَدْ كانَ فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلامَ اللهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِنْ بَعْدِ ما عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ (٧٥) وَإِذا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قالُوا آمَنَّا وَإِذا خَلا بَعْضُهُمْ إِلى بَعْضٍ قالُوا أَتُحَدِّثُونَهُمْ بِما فَتَحَ اللهُ عَلَيْكُمْ لِيُحَاجُّوكُمْ بِهِ
____________________________________
فزاغت عن الاعتبار بآيات الله والتعقل لدلائل الرشد (مِنْ بَعْدِ ذلِكَ) اي من بعد كل ما ذكر من الآيات وأفرد كاف الخطاب في «ذلك» باعتبار الجمع أو القوم لا الجماعة (فَهِيَ كَالْحِجارَةِ) في قسوتها وناهيك بها قسوة (أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً) اي وان شئت ان تصفها باعتبار الآثار فهي أشد قسوة من الحجارة (وَإِنَّ مِنَ الْحِجارَةِ لَما يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الْأَنْهارُ) ومن ذلك العيون الجارية من الجبال الصخرية (وَإِنَّ مِنْها لَما يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ الْماءُ) ومن ذلك ما يحدث عند الزلازل من الانشقاق والانفجار (وَإِنَّ مِنْها لَما يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللهِ) وقد حدث هذا كله لبني إسرائيل وشاهدوه رأي العين في الحجر الذي انفجرت منه العيون والجبل الذي تجلى له الله فجعله دكا. واما أنتم يا بني إسرائيل فلا تتأثر قلوبكم بالآيات ودلائل الحق بل تعملون بما يغريكم به الهوى المردي والشيطان المضل ويحملكم عليه العناد للحق والتمادي على الطغيان (وَمَا اللهُ بِغافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ) بل يمهلكم ويملي لكم ثم اليه ترجعون ٧٤ (أَفَتَطْمَعُونَ) خطاب لرسول الله (ص) والمؤمنين (أَنْ يُؤْمِنُوا لَكُمْ) بالله ورسوله وقرآنه ويجيبوا دعوتكم لهم الى حقيقة الايمان وهم اهل العناد والإصرار على الضلال على عمد (وَقَدْ كانَ فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلامَ اللهِ) عند خطابه لموسى. او من موسى والأنبياء مع اعترافهم بنبوتهم زيادة على دلالة المعجزات على ذلك (ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ) يغيرونه ويبدلونه لا عن جهل بل عن عمد وضلال (مِنْ بَعْدِ ما عَقَلُوهُ) وفهموه حق الفهم (وَهُمْ يَعْلَمُونَ) انهم محرفون كاذبون على الله. هذا حال سلفهم في الغي. واما هؤلاء الذين تطمعون ان يؤمنوا لكم بالحق فهم كما في هذه الآية ٧٥ (وَإِذا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قالُوا آمَنَّا وَإِذا خَلا بَعْضُهُمْ إِلى بَعْضٍ قالُوا أَتُحَدِّثُونَهُمْ بِما فَتَحَ اللهُ عَلَيْكُمْ) من علم التوراة وتخبرونهم بما فيها من صفة محمد (ص) ورسالته والأمر باتباعه (لِيُحَاجُّوكُمْ بِهِ) فتكون الغاية من ذلك ان تقوم به