في تعليقته على الكشاف تحامل على الزمخشري في هذا المقام وأورد لمذهبه وجوها طالما لهج بها الأشاعرة «أولها» ان مذهب العدلية في المسألة مخالف لدليل العقل على وحدانية الله فإن مقتضاه ان لا حادث إلا بقدرة الله «ويدفعه» ان مسألة القدرة غير مسألة التوحيد وغاية ما يقال في قدرة الله انها لا تقصر ولا تضعف عن الممكن وإن صار لقبحه ممتنع الصدور منه لجلال شأنه وقدسه وكماله وغناه. وليس مقتضى دليل العقل على الوحدانية ان يكون الزنا واللواط والكفر ومنع الكافرين عن الإيمان وأمثالها من القبائح تقع بفعل الله وخلقه وقدرته. وأما قولهم ان نسبة الفاعلية للناس وإيجادهم لأفعالهم وخلقهم لها يقضي بالشرك والإشراك مع الله في صفته وهو خلاف الوحدانية والتوحيد. فهو مردود بأن التوحيد الواجب في الإيمان هو توحيد الله ونفي الشريك له في الإلهية وما يعود إليها. وأما في غير ذلك فإن القرآن الكريم نفسه قد شرّك بين الله وعباده في نوع صفة الحياة والعلم والرحمة والرأفة والخلق وغير ذلك وإن كانت صفات الله ممتازة عن نوعها بكماله ومميزاتها «ثانيها» دليل النقل كقوله تعالى (خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ). و (هَلْ مِنْ خالِقٍ غَيْرُ اللهِ). ويرده ان ابن المنير ومن يحتج بهذا كأنهم لم يقرءوا ولم يسمعوا من سورة العنكبوت قول ابراهيم خليل الله لقومه ١٦ (تَخْلُقُونَ إِفْكاً). وقول الله لعيسى كما في سورة المائدة ١١٠ (وَإِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ). وقول عيسى رسول الله كما في سورة آل عمران ٤٣ (أَنِّي أَخْلُقُ لَكُمْ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ). وقوله تعالى من هذا الباب في سورة المؤمنون ١٦ (فَتَبارَكَ اللهُ أَحْسَنُ الْخالِقِينَ). ولماذا لم يلتفتوا من ذلك إلى أن الخلق المقصور على الله إنما هو خلق الإله وإيجاده مما هو من أعمال الإلهية. وعلى ذلك جاء قوله تعالى في سورة الرعد ١٧ (أَمْ جَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكاءَ خَلَقُوا كَخَلْقِهِ فَتَشابَهَ الْخَلْقُ عَلَيْهِمْ قُلِ اللهُ خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ) «ثالثها» انه وان قبح صدور بعض الأفعال من الناس بحسب الشاهد لكن الحكم بقبح صدورها من الله قياس للغائب على الشاهد وهو باطل. ويردهم أولا انه ما اسمج التعبير عن الله وشؤونه بالغائب. وهو على كل شيء شهيد. وهو أقرب إليكم من حبل الوريد «وثانيا» ان الحكم على بعض افعال الناس بالقبح ليس من الحواس الخمس لكي يقال انّ الحواس لا تدرك الله. وان الناس ليعلمون ان العدلية يعنونون هذه المسألة ومحل نزاعها بالحسن والقبح العقليين وينادون بأن الحاكم بالحسن أو القبح إنما هو العقل بنفسه وإدراكه من دون مداخلة للحس أو وجود الفعل في الخارج. وليت شعري هل عند العقل شاهد وغائب «وثالثا» ان حكم