بِالْكافِرِينَ (٢٠) يَكادُ الْبَرْقُ يَخْطَفُ أَبْصارَهُمْ كُلَّما أَضاءَ لَهُمْ مَشَوْا فِيهِ وَإِذا أَظْلَمَ عَلَيْهِمْ قامُوا وَلَوْ شاءَ اللهُ لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ وَأَبْصارِهِمْ إِنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (٢٠) يا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (٢١) الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِراشاً وَالسَّماءَ بِناءً وَأَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً
____________________________________
بِالْكافِرِينَ) المنافقين لا مفر لهم من قضائه. (أَيْنَما تَكُونُوا يُدْرِكْكُمُ الْمَوْتُ. لَوْ كُنْتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ لَبَرَزَ الَّذِينَ كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقَتْلُ إِلى مَضاجِعِهِمْ). أو ان المراد ما هذا الخوف والهلع والتحذر والحال ان الله محيط بالكافرين المحاربين للإسلام وخاذلهم ومهلكهم وقد ظهرت آيات ذلك في غزوة بدر وما قبلها ٢٠ (يَكادُ الْبَرْقُ) اي ما ذكرناه من برق الإسلام وأنوار عزه وسعادته. (يَخْطَفُ أَبْصارَهُمْ) بشدة أنواره فهم (كُلَّما أَضاءَ لَهُمْ) وارتاحوا لبهجته وعلقت آمالهم بسعادة الدنيا (مَشَوْا فِيهِ) وجاروا المسلمين وأظهروا موافقتهم (وَإِذا أَظْلَمَ عَلَيْهِمْ) بأن انقطع عنهم ضوء الآمال لما يرونه أحيانا من ظلمات الشدائد (قامُوا) ووقفوا في مكانهم في النفاق وثبتوا على حيرة ضلالهم (وَلَوْ شاءَ اللهُ لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ وَأَبْصارِهِمْ) فلا يسمعون بما حصل من المبشرات في الإسلام ولا بما يرد أحيانا على المسلمين من الشدائد ولا يبصرون ذلك فلا يترددون في ضلال النفاق (إِنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ٢١ يا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا) الله (رَبَّكُمُ) واخضعوا له حق الخضوع للآلة وأطيعوه فإنه هو ربكم ومالككم ومدبركم ومربيكم (الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) لم تجئ لعلّ للترجي بل لبيان انه لا يلزم من عبادتهم لله انهم يتقونه حق تقاته بل يجوز أن تقع منهم التقوى المذكورة بحسن اختيارهم ويجوز ان لا تقع لسوء اختيارهم. ولأجل الاحتجاج بآلاء الربوبية وآثار القدرة ذكر من صفات الرب ايضا انه ٢٢ (الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِراشاً) ممهدا يتيسر لكم الانتفاع بها في السكنى ونحوها والزرع والغرس (وَالسَّماءَ بِناءً) لا تخشون سقوط أجرامها عليكم. وليس في ذلك صراحة بموافقة الهيئة القديمة ولا صراحة بمخالفة الهيئة الجديدة فإن حقيقة الأمر لا يعلمها إلا الله وان الأوضاع المذكورة في الهيئتين لا مبنى لها إلا الحدس الذي تدافعه الشكوك والردود. والمحسوس إنما هي حركات الكواكب (وَأَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ) أي من جهتها او ان المراد من السماء هنا جهة العلو (ماءً) وهو المطر الذي يحيي به