اللهُ بِغافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ (١٤٨) وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ وَحَيْثُ ما كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ لِئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ إِلاَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ فَلا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِي وَلِأُتِمَّ نِعْمَتِي عَلَيْكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (١٤٩) كَما أَرْسَلْنا فِيكُمْ رَسُولاً مِنْكُمْ يَتْلُوا عَلَيْكُمْ آياتِنا وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُعَلِّمُكُمْ ما لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ
____________________________________
الْحَرامِ) وهذا الخطاب للرسول وان كان كافيا في عموم الشرعية والتكليف للمسلمين لكن الحكمة تقتضي التأكيد بالنص وتأكيده فقيل كما سبق (وَحَيْثُ ما كُنْتُمْ) خطاب للرسول وأمته (فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ) وان كنتم عند بيت المقدس وفي بلده (لِئَلَّا) اي شرع لكم ذلك بالأوامر المذكورة لئلا (يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ) وان كانت داحضة (١) هذا يقول اتبع قبلتنا وهذا يقول تركوا كعبتهم مع افتخارهم بسابقتها وفضلها وهذا يقول تركوا قبلة ابراهيم وإسماعيل. او وهذا يقول مكتوب ان النبي يصلي الى القبلتين. وهذا يقول مكتوب انه يصلي الى الكعبة (إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا) منهم استثناء من الناس فان هؤلاء الظالمين لا يقطعون جدلهم واحتجاجهم بالأباطيل حسب ما تغريهم اهواؤهم وظلمهم (فَلا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِي) اي ولتكن خشيتكم لي (وَلِأُتِمَّ نِعْمَتِي عَلَيْكُمْ) بتشريع الاستقبال للقبلة المرضية قبلة ابراهيم وحصره بها (وَلَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ) اي ولأجل ان تهتدوا الى معرفة لطف الله بإتمام النعمة بذلك عليكم وقطع حجج المجادلين لكم. او والى اقامة الصلاة بحدودها الى هذه القبلة ولكن لما كان الاهتداء من افعال الإنسان وناشئا عن اختياره للتفكر ومجانبته لشكوك الأهواء وعنادها قيل في تعليله لعل وكذا كل غاية في القرآن هي من اعمال العباد وراجعة الى اختيارهم نحو لعلكم تشكرون. تتفكرون لم تخرج مخرج الجزم في التعليل. وقد لطف الله في امر القبلة بعباده لهذه الغايات الشريفة ١٤٩ (كَما أَرْسَلْنا فِيكُمْ رَسُولاً مِنْكُمْ) وكونه منكم اقرب الى انقيادكم للإسلام (يَتْلُوا عَلَيْكُمْ آياتِنا وَيُزَكِّيكُمْ) بدينه وشريعته وتعاليمه (وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُعَلِّمُكُمْ ما لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ) مما يهمكم ويزينكم ويهذبكم وان تعدوا نعمة الله في ذلك لا تحصوها ١٥٠ (فَاذْكُرُونِي) بما فيه سعادتكم
__________________
(١) في سورة الشورى ١٥ حجتهم داحضة. وفي الجاثية ٢٤ وإذا تتلى عليهم آياتنا بينات ما كان حجتهم الا ان قالوا ائتوا بآبائنا ان كنتم صادقين