عن شخص آخر انه نفسي إلا إذا كان ذلك الشخص في نظر القائل ثانيه في مزاياه والوجه المطلوب منه وثقته في ذلك. ولعمر الحق ان هذا أمر جلي. ولقد تكرر من رسول اللهصلىاللهعليهوآله بيان هذا المعنى المتجلي من قوله «وأنفسنا» كما امره الله وشرحه بعبارات متناسبة في الإيضاح واقامة الحجة فهي «نور على نور» كقوله (ص) لعلي (ع) أنت مني بمنزلة هارون من موسى إلا انه لا نبي بعدي وقوله (ص) في ذلك المشهد العظيم في غدير خم مخاطبا للمسلمين «ايها الناس ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم» فلما قالوا اللهم بلى قال على النسق آخذا بضبع علي (ع) «من كنت مولاه فهذا علي مولاه» وغير ذلك مما يضيق عنه هذا المقام. وهو مدون في كتب الفريقين كالشمس رأد الضحى. هذا وان ابن تيمية في كتاب منهاج السنة قد اعترف بصحة الحديث الدال على ان نفس رسول الله (ص) في الآية هو علي (ع) ولكن حاول ان يمنع ما أشرنا الى وجهه الوضاح من الدلالة على امتياز امير المؤمنين بالفضيلة ومقام الإمامة في الأمة والزعامة الكبرى فقال ما ملخصه ان المراد بالأنفس في الآية هو من يتصل بالقرابة والقومية واستشهد لذلك بقوله تعالى (فَاقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ). (لا تُخْرِجُونَ أَنْفُسَكُمْ مِنْ دِيارِكُمْ). (تَقْتُلُونَ أَنْفُسَكُمْ وَتُخْرِجُونَ فَرِيقاً مِنْكُمْ مِنْ دِيارِهِمْ). فقل له ان اضافة النفس قد تقع باعتبار نوع من الرابطة كالقرابة والجامعة القومية. فيقال أنفسكم وأنفسهم كما يقال رجالكم ورجالهم وانفس البلدة والمملكة. ولكن هل يخفى ان النفس إذا جعلت مقابلة للأقرباء بل اقرب الأقرباء كما في الآية وفي قوله تعالى في سورة التحريم ٦ (قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ ناراً) وفي سورتي الزمر ١٧ والشورى ٤٣ (الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ) فلا تكون النفس مستعملة إلا على وجه الحقيقة في نفس الإنسان الذي أضيفت اليه كما في آيات التحريم والزمر والشورى. او على وجه المجاز والاستعارة لمن ينزل بما أشرنا اليه من وجوه الشبه بحسب كل انسان بمنزلة نفس الإنسان الخاصة به كما في هذه الآية لما ذكرناه من الدعوة والرواية الصحيحة المستفيضة المتفق عليها. ومن الظرائف ان ابن تيمية فطن إلى انه لو كان التعبير بالنفس ناظرا إلى القرابة لدعي العباس عم الرسول وأولاده وأمثالهم من بني هاشم فإنهم كانوا مسلمين مهاجرين في المدينة لأن وفد نجران جاء في السنة العاشرة أو التاسعة من الهجرة ولأجل ما فطن له قال في التخلص منه لأن العباس لم يكن من السابقين ولا كان له اختصاص بالرسول كعلي واما بنو عمه فلم يكن فيهم مثل علي انتهى فانظر إلى اضطراب هذا الرجل فإنه