مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقالُوا سَمِعْنا وَأَطَعْنا غُفْرانَكَ رَبَّنا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ (لا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْساً إِلاَّ وُسْعَها لَها ما كَسَبَتْ وَعَلَيْها مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنا لا تُؤاخِذْنا إِنْ نَسِينا أَوْ أَخْطَأْنا
____________________________________
مِنْ رَبِّهِ) في تفسير القمي في الصحيح عن الصادق وفي تفسير البرهان عن علي امير المؤمنين (ع) وعن مقتضب الأثر مسندا عن رسول الله (ص) انه لما أسري به الى السماء ناداه الله عزوجل آمن الرسول بما انزل اليه من ربه فأجاب رسول الله (ص) عنه وعن أمته (وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللهِ وَمَلائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ) ولعله اشارة الى من حملته العصبية القومية او الأغراض الفاسدة على جحد الرسول بعد قيام الحجة على رسالته جحده لأنه ليس من قومه او لأنه يعارض أغراضه الفاسدة. والى الذين قال لهم (آمِنُوا بِما أَنْزَلَ اللهُ قالُوا نُؤْمِنُ بِما أُنْزِلَ عَلَيْنا وَيَكْفُرُونَ بِما وَراءَهُ) الآية كما في الآية الخامسة والثمانين (وَقالُوا سَمِعْنا وَأَطَعْنا) اخبار من الله بفضلهم في الطاعة والايمان (غُفْرانَكَ) منصوب بفعل من لفظه وهو اغفر ومعناه نسألك غفرانك يا (رَبَّنا) وفيه تلطف في المسألة بنحو من الاحتجاج على رحمته ومعنى أنت ربنا وولي أمرنا والى اين يذهب العبد إلا الى مولاه. ولم يذكر متعلق الغفران لأن طلبه عام لكل من يحتاج الى الغفران ولم يخرج بسوء اختياره عن أهليته له (وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ) اي مصيرنا في أمورنا في الدنيا والآخرة ٢٨٥ (لا يُكَلِّفُ اللهُ) بأمره او نهيه (نَفْساً إِلَّا وُسْعَها) الوسع ما تسعه قدرة الإنسان ويدخل في وسعها ونسب الوسع الى النفس بهذا الاعتبار والمعنى الا ما تسعه قدرتها. وقد تمجد الله بذلك دلالة على تقدسه في كماله عن العبث والقبيح في التكليف بغير المقدور ويجوز أن يكون من كلام الرسول والمؤمنين تمجيدا لله بعدله (لَها) اي للنفس (ما كَسَبَتْ) من الخير يوفيها الله إياه ولا يفوتها من فضيلته وجزائه شيء (وَعَلَيْها مَا اكْتَسَبَتْ) من الشر اي عليها وزره ونقصه لا على غيرها. وعبر في الشر بالاكتساب لأجل التوبيخ لفاعله والاحتجاج عليه فإن الاكتساب يدل على الاعتمال والمعالجة في طلب الكسب يشير بذلك الى ان عمل الشر كان باختبار ومعالجة من النفس في طلبه مع انه شر قد زجرها العقل والشرع عنه يا (رَبَّنا) ومالك أمرنا ومفزعنا في أمورنا (لا تُؤاخِذْنا إِنْ نَسِينا أَوْ أَخْطَأْنا) من الخطأ ضد العمد وان كثيرا