فنعم ، أم من دبرها في قبلها ؛ فنعم أم من دبرها في دبرها ؛ فلا ، فإنّ الله لا يستحيي من الحقّ ، لا تأتوا النّساء في أدبارهنّ» (١).
وأراد بخربتها مسلكها ، وأصل الخربة : عروة المزادة. شبّه بالثّقب بها ، والخرزة هي : الثقبة التي يثقبها الخرّاز وكنّى به عن المأتى ، وكذلك الخصفة من قولهم : خصفت الجلد إذا خرزته.
وعن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ ؛ قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «ملعون من أتى امرأة في دبرها» (٢) وقال ـ تعالى ـ في آية المحيض : (قُلْ هُوَ أَذىً فَاعْتَزِلُوا النِّساءَ فِي الْمَحِيضِ) جعل الأذى علة لحرمة إتيان موضع الأذى ، ولا معنى للأذى إلّا ما يتأذّى الإنسان منه بنتن ريح الدّم ، وهذه العلّة هنا أظهر ؛ فوجب القول بتحريمه.
وروي عن أبي هريرة ، عن النّبيّ صلىاللهعليهوسلم ؛ قال : «من أتى امرأة في دبرها لم ينظر الله إليه يوم القيامة» (٣).
وروى أبو داود الطّيالسي ، عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جدّه ، عن النبي صلىاللهعليهوسلم قال : «تلك اللوطيّة الصّغرى بإتيان المرأة في دبرها» (٤).
وعن طاوس ؛ قال : إنه كان عمل قوم لوط إتيان النّساء في أدبارها. واحتج من جوّزه بوجوه :
الأول : التّمسّك بهذه الآية من وجهين :
أحدهما : أنه جعل الحرث اسما للمرأة لا للموضع المعيّن ، فلمّا قال بعده : «فأتوا
__________________
(١) أخرجه ابن ماجه (١٩٢٤) وأحمد (٥ / ٢١٣) والبيهقي (٧ / ١٩٧) والنسائي (٢ / ٧٦) والدارمي (١ / ٢٦١) وابن حبان (١٢٩٩ و ١٣٠٠) وابن الجارود (٧٢٨) والشافعي (١٦١٩) والطحاوي (٢ / ٢٥).
وأورده المنذري في «الترغيب والترهيب» (٢ / ٢٠٠) وقال : رواه ابن ماجه والنسائي بأسانيد أحدها جيد.
(٢) أخرجه أبو داود (٢١٦٢) وأحمد (٢ / ٢٧٩) والبغوي في «شرح السنة» (٥ / ٨٣).
وذكره الحافظ ابن حجر في «تلخيص الحبير» (٣ / ١٨٠) وانظر كنز العمال (٤٤٨٨٣).
(٣) أخرجه ابن ماجه (١ / ٦١٩) كتاب النكاح باب النهي عن إتيان النساء في أدبارهن (١٩٢٣).
قال البوصيري في «الزوائد» (٢ / ٩٧) : هذا إسناد صحيح رجاله ثقات وأخرجه الترمذي (٣ / ٤٦٩) وابن حبان (١٣٠٢ ـ موارد) وابن أبي شيبة (٤ / ٢٥١ ـ ٢٥٢) وأبو يعلى (٤ / ٢٦٦) رقم (٢٣٧٨) عن ابن عباس وقال الترمذي : حديث حسن غريب.
(٤) أخرجه أبو داود الطيالسي (١٥٩٣ ـ منحة) والبيهقي (٧ / ١٩٨) عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده مرفوعا.
وأخرجه البيهقي (٧ / ١٩٨) وعبد الرزاق وابن أبي شيبة وعبد بن حميد كما في «الدر المنثور» (١ / ٤٧٣) عن عبد الله بن عمرو موقوفا. وذكر القرطبي المرفوع في «تفسيره» (٣ / ٩٥).