المقام الثاني
في استصحاب المردد
لا بد في استصحاب الكلي بما له من الأقسام المتقدمة من كون موضوع الأثر هو الجهة الجامعة بين الأفراد بما لها من الحدود المفهومية ، مع اجتماع ركني الاستصحاب فيها من اليقين والشك فيها بتلك الحدود.
وعليه يبتني عدم جريان الاستصحاب في موردين ..
الأول : في المفهوم المردد بأن كان الشك في بقاء المفهوم ـ الذي هو موضوع الأثر ـ ناشئا من تردده وإجماله ، كما إذا تردد مفهوم العادل بين مجتنب الكبيرة فقط ومجتنب جميع الذنوب وكان زيد مجتنب الجميع ثم ارتكب الصغيرة ، حيث لا مجال لاستصحاب عدالته حينئذ ، وإن اجتمع اليقين والشك في صدق عنوان العدالة ، لأن موضوع الأثر ليس هو صدق العنوان وصحة إطلاقه ، بل الواقع الذي يحكي عنه العنوان وينتزع منه ، فلا بد من اجتماع ركني الاستصحاب في منشأ انتزاعه ، والمفروض عدمه في المقام ، لأن المعنى الأول معلوم البقاء ، والثاني معلوم الارتفاع.
نعم ، لا يعتبر اليقين والشك التفصيليان ، بل يكتفي بالإجمالي منهما ، لإطلاق دليلهما ، كما لو علم بوجود منشأ انتزاع العنوان وشك في بقائه بنفسه على ما هو عليه من الإجمال ، من دون أن يكون إجماله دخيلا في الشك. ولعله ظاهر.
الثاني : في الفرد المردد ، بأن لا يكون الأثر للكلي الجامع بين الفردين ، بل للفرد بما له من الحدود الواقعية المميزة له عن غيره ، ولا يكون بتلك الحدود